في حال الثقافة والمثقفين
   
         
نعيش في خضم مشهد ثقافي موبوء ومهترىء ، تراجعت فيه الثقافة وفقدت جوهرها ومعناها وجاذبيتها وقيمتها ودورها ورسالتها , وتوارى دور المثقف الثوري العضوي الخلاصي الحقيقي ، وبقي الميدان للدخلاء من ادعياء الثقافة والفكر الذين غيروا جلودهم وتخلوا عن قناعاتهم الايديولوجية والتحقوا بركب السلطة ، وتم خصيهم وترويضهم بسياسة العصا والجزرة ، وشرائهم بالمال النفطي القطري والسعودي والخليجي , فاصبحوا مستأجرين ، وتحولوا الى ابواق للنظام ، يأكلون من خبز السلطان ويضربون بسيفه . 
لقد اختفى المثقفون من اصحاب القناعات والايديولوجيات الفلسفية والمعرفية ، الذين يناصرون قضايا ومسائل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ويذودون عن المبادىء والقيم والمثل الانسانية والاخلاقية والمصالح العامة ، وينيرون دروب المسحوقين والكادحين والطبقات الضعيفة المهمشة ، والذين يثيرون وعي الناس حول قضاياهم المصيرية والمستقبلية ، ويحرضون الجماهير على الثورة والتغيير ، ولأجل الخلاص من القهر والظلم والاستبداد والاضطهاد والاستغلال . 
وعلى ضوء هذا الواقع المظلم والمعتم والموجع والمقلق، فاننا نحتاج الى ولادة وظهور مثقفين جدد ، يعيدون للثقافة خضرتها ونضرتها وزهوها ومكانتها الحقيقية ، ويكملون طريق المثقفين ًالحقيقيين الذين فارقوا الحياة وغابوا عن الدنيا ، وتركوا فراغاً لم يملأه احد حتى الان .