بيريسترويكا بنكهة الدولمة


 
 
البيريسترويكا Perestroyka : كلمة روسية الجذر والأصل. تعني: (إعادة البناء)، وتعبر عن مرحلة الإصلاحات والتحولات، التي شهدها الاتحاد السوفيتي عام 1985 عقب وصول ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة، وقد صاحبتها وقتذاك سياسة الغلاسنوست (Glasnost)، التي تعني الشفافية والانفتاح، والكلمة مشتقة من كلمة روسية قديمة (غولوس) أو (غلاّس)، وتعني (صوت)، وتعبر أحياناً عن حرية الاعتراض بصوت عال وعلني من دون خوف أو تردد.
لقد تسببت البيريسترويكا السوفيتية بتقطيع أوصال تلك الدولة العظيمة، وانتهت بانهيارها تماماً عام 1991. فهل تتقطع أوصالنا بهتافات البيريسترويكا العراقية المنطلقة من حناجر الأصوات الجنوبية الهادرة بالغضب، والتي فقدت ثقتها بالشفافية ؟، أم أنها ستتقطع بمعاول المحاصصة الطائفية، وستتمزق بعبوات الإرهاب، وستتبعثر بمفخخات التجزئة والتقسيم المفروض علينا بطغيان المفسدين في الأرض ؟.
وهل تصاعدت وتيرة البيريسترويكا العراقية بتصاعد العمود الملحي في مياه شط العرب ؟، أم أنها ارتفعت بارتفاع معدلات الحرارة الاستوائية الملتهبة فوق صفيح بيوت التنك، وبين براكين الحواسم المتفجرة في الأحياء الفقيرة ؟. أم أن فساد المفسدين هو الذي أوصلنا إلى الانهيار الذي لم نكن نتوقعه في يوم من الأيام ؟.
الفارق الوحيد بين البيريسترويكا السوفيتية والبيريسترويكا العراقية أن الأولى قادها وانفرد بها غورباتشوف وحده، بينما تخصص عشرات العابثين في ممارسة أنشطة التنافر والتناحر تحت خيمة السيرك السياسي العراقي، وتطوعت عشرات العفاريت المتلهفة لتحريك بلدوزرات الخراب في كل الاتجاهات، فعلى الرغم من صغر المساحة الجغرافية العراقية بالمقارنة مع المساحات الخرافية التي حملت اسم الاتحاد السوفيتي (USSR) باللغة الانجليزية، أو (CCCP) باللغة الروسية، إلا أن عفاريتنا أخطر من عفاريت (راسبوتين)، فهي تمتلك القدرات الهائلة لتحطيم الأرقام التخريبية كلها وتأجيج الفوضى المدمرة، وتنفيذ مشاريع الخراب في كل مكان.
فهل سيتقمص السيد (العبادي) دور (غورباتشوف) في تبني خطوات التفكك والانهيار ؟، أم أن رياح التفكك هي التي هبت علينا من التشكيلات الحكومية الوهمية (الفضائية) ؟، وتسللت إلينا من ثغرات الوزارات الركيكة والمؤسسات الضعيفة، وترسخت بهفوات الساسة والطامعين بالرياسة ؟.
لقد خرج الناس عن بكرة أبيهم ليعبروا عن سخطهم واستيائهم من هذه البيريسترويكا العراقية المتعددة المعاول، فهزموهم كلهم من دون استثناء، لكنهم سيصلون في نهاية المطاف إلى مفترق الطرق المصيرية المعتمة، ليجدوا أنفسهم يقفون وجها لوجه أمام الكون كله بانتظار الفرج.