بسم الله الرحمن الرحيم
مؤتمر مكافحة الارهاب الدولي برئاسة مشتركة للسيد رئيس الوزراء العراقي الدكتور العبادي والرئيس الامريكي اوباما هو حدث مهم للعراق.. فطالما كان هذا مطلباً وطنياً طالب به الجميع ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته.. لذلك عندما عقد المؤتمر يوم الثلاثاء الماضي، وعلى هذا المستوى، وبهذه المشاركة الواسعة، فيجب ان يعطى ابعاده ومداليله كاملة. ومن التطورات ايضاً تطور العلاقات الروسية الامريكية ايجاباً، ورغم بعض التحفظات الغربية على مشاركة روسيا بعمليات حربية ضد "داعش" في سوريا.. لكن هذا العمل يجب ان يعتبر اضافة نوعية لحماية امن بلداننا والمنطقة.. وتحقيق توازن ومظلة دولية وبالتالي اقليمية وداخلية لوقف التدهور الامني الخطير الذي اصاب المنطقة، الذي لن يكون فيه اي رابح او منتصر لا في اطار الشعوب ولا في اطار الانظمة ولا في اطار الدول، بما فيها الكبرى.. بل يربح منه الموت والتخريب وتهديد الامن المحلي والدولي. فالخطر الاساس يأتينا اليوم من الارهاب ومنظمات مثل "داعش".. وان توحيد كل الجهود للوقوف ضد هذا الخطر هو اولوية الاولويات. ان اعلان تركيا، والعديد من دول الخليج انضمامها ضد "داعش" وجعل ذلك اولوية في سياساتها هو موقف يعزز الاتجاهات الصحيحة. كذلك سيخدم هذه التوجهات وضوح مسارات الاتفاق النووي الايراني، وتحسن العلاقة بين ايران والعديد من الدول الغربية التي كانت الى الامس القريب متوترة بكل ابعادها واثارها السلبية على العراق والمنطقة... فتراجعت نظريات توسيع الحرب، او سياسات عزل ايران، وتم استبدالها بدعوات احتواء الازمات والحروب القائمة، وكالة او مباشرة.. والتفاهم للوصول لترتيبات اقليمية ودولية بمشاركة الجميع. فالبناءات الصحيحة، كما نراها، تكمن في الحفاظ على سياسة المسؤوليات المشتركة والمنافع المتبادلة التي على اساسها يمكن معالجة الخلافات المصطنعة او الحقيقية. ولاشك ان قضايا كقضية البحرين واليمن وسوريا والعراق ولبنان او غيرها هي قضايا معقدة، لن تحل بين ليلة وضحاها، او دفعة واحدة.. لكن الفارق هو ان هذه الخلافات كانت تجد لنفسها محفزات من فوق، والظاهر ان المرحلة القادمة ستشهد عملية احتواء للمحفزات الخارجية والفوقية.. والامل ان يؤثر ذلك لتشجيع المحفزات الداخلية للتهدئة والتعايش، خصوصاً بين شعوب المنطقة الاساسية من عرب وكرد وفرس وترك، وكذلك بين الشيعة والسنة، وبين دول الجوار والمجتمع الدولي، لتتفرغ جميع القوى لمحاربة الارهاب والتطرف من جهة، وتنمية المنافع والمصالح المشتركة للجميع من جهة اخرى. هذه وغيرها تطورات ايجابية من المهم جداً للعراق ان يكون بلداً محورياً ومبادراً فيها، كما هو الحال في المؤتمر الدولي لمحاربة الارهاب الذي عقد في نيويورك في 29 ايلول 2015.. فهذا ليس جزءاً من سياسته الخارجية فقط، بل هو اساساً في جوهر سياسته ومصالحه الداخلية. والعراق مؤهل للقيام بهذا الدور بسبب تأكيد جميع مكوناته وقواه على الوحدة الوطنية، رغم كل الاختلافات.. وبسبب موقعه وتكويناته والزخم الكبير الذي يحمله، والعلاقات الايجابية التي تربطه بالجميع دون استثناء، والدور الاساس الذي يلعبه لمحاربة "داعش" والذي يمثل محوراً اساسياً للوقوف ضد ظاهرة الارهاب، والتطرف التي باتت تهدد البشرية كافة.
|