هذا هو القبانجي.. رجل لم يقرأ التاريخ

 

ضجة كبيرة قامت بها المواقع الألكترونية والصحافة على اعتقال أحمد القبانجي من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية، ثم اطلاق سراحه ومنعه من دخول ايران.

القبانجي عاد الى العراق وسط تكريم واحتفاء كبير من قبل العديد من وسائل الإعلام، وأقامت له مؤسسة المدى احتفالية قدمه الى الجمهور الكاتب جمال الجصاني بقوله: "القبانجي في هذا الظرف هو نعمة وهبة من الله لهذا المجتمع"، أي انه وضعه في مصاف الأنبياء والأئمة والعظماء.

فهل القبانجي هو فعلاً المفكر العظيم والهبة الالهية الى اهل العراق؟.

لا حاجة لدخول عميق في التفاصيل والتوقف عند افكاره، يكفي الاشارة الى ان افكاره هي بالاساس افكار ترجمها عن مفكرين ايرانيين، ثم أراد ان يضيف عليها، فوقع في الإرباك، مثل قوله أن القرآن الكريم ليس بليغاً، ويستدل على ذلك أننا لو جمعنا جورج جرداق وجبران خليل جبران وايليا ابو ماضي، وطلبنا منهم ان يكتبوا مثل القرآن لكتبوا افضل منه.

لا نحتاج الى مناقشة هذا الرأي، ولا يحتاج اي مثقف متوسط الثقافة الى الرد على هذا الكلام، وسيكتشف مشكلة قائله النفسية.

في محاضرته في مؤسسة المدى، قال القبانجي ما نصه:

"أريد أن أحدثكم عن الحريات.الحرية التي ننادي بها هي أصل الإنسان واصل  إنسانيته، وليس  للعقل كما يتصور بعضهم؟ والعقل عند الجميع صحيح لكن قلما  يستخدم  الإنسان العقل.. وأكثر الناس لديهم عقولا لكنهم ليسوا بعقلاء".

هكذا يطرح القبانجي افكاره، فيصادر تراث الانسانية الفلسفي في واحدة من أعقد القضايا واكثرها جدلاً ونقاشاً وبحثاً من قبل الفلاسفة عبر التاريخ، فيطرحها القبانجي بهذه السطحية.

ثم يقول: "إن العائق الذي يقف ضد تطور العراق هو تلك  الثقافة المتراجعة التي جاء بها  السياسيون أو البعض من رجال الدين  الذين حرموا المشاركة في الانتخابات  - مثلا – في عشرينات  القرن الماضي  وبذلك  أضاعوا  فرصة كبيرة".

لا تفسير لهذا الكلام من القبانجي سوى انه لم يطلع على تاريخ العراق الحديث، وعن أسباب تحريم الانتخابات التي أرادها الاستعمار البريطاني في بداية تشكيل الدولة العراقية، ولأنه لم يطلع على ذلك فقد اصدر حكمه هذا مثل جميع افكاره الأخرى.

باختصار، اراد الانكليز اجراء الانتخابات لتشكيل مجلس تأسيسي يتولى التوقيع على معاهدة ربط العراق بالاحتلال البريطاني، وبذلك لا يحصل العراق على الاستقلال، ويبقى تحت سلطة الاحتلال لسنوات طويلة.

مشكلة الكثير من الذين اثاروا هذه الضجة واعتبروا القبانجي مفكراً وهبة من الله، انهم لم يقرأوا، ومن لا يقرأ تبهره اي صرخة.

قال الطبيب المعالج للسيد احمد القبانجي بعد ان اصيب اصابته التي بقيت تلازمه، انه كان في غيبوبة استمرت عدة اسابيع، فقد خلالها قسماً من خلايا دماغه، وقد كان الأطباء يحرصون على إنقاذ خلايا الدماغ من التلف، لكن ليس بيدهم حيله فقد كانت اصابته خطيرة، ولم يتمكنوا من انهاء الغيبوبة إلا بعد عدة اسابيع، نسأل الله العافية لجميع المرضى.