اقتحام الجرائد.. العنف يولد عنفا لا يحسم قضية

 

"والشفع والوتر وليال عشر" ظلمات العالم تعجز عن اطفاء شمعة، اقولها، ليس تبنيا لموقف الجرائد التي اقتحمتها مجموعة من المسلحين واعتدوا على ملاكاتها، انما استهجانا للغة العنف في الحوار؛ وتضادا مع المبدأ البعثي المقيت، في اللجوء للارهاب بغية حسم القضايا الخلافية العالقة.

اختلف معك، لكن اقاتل كي تقول رأيك...

داهم مسلحون، مجموعة من الصحف العراقية، قبل ايام، واعتدوا بالضرب على الموجودين فيها، وهو امر مرفوض، مع تحفظنا على اسابابه...

ربما ذهبت هذه الصحف الى مناطق فكرية، تعطي الحق لجهات ما بالاختلاف معها، وهنا يحق لتلك الجهات ان ترد وتحاور، بل وتقاضي وتغرم، وقد يسجن صاحب رأي يسيء لقيم او معتقدات مقدسة او سوى ذلك، بالطرق القانونية والثقافية، المتبعة، تحت مظلة الدستور، وبحضور ممثل عن نقابة الصحفيين.

من له حق مادي او معنوي، يستحسن به مخاطبة الصحيفة التي يعتقدها هضمت حقه، وان انقطع الحوار، بينه والقائمين عليها، يلجأ لنقابة الصحفيين ومن ثم القضاء.

عقب كل ذلك، ان لم يأته حقه؛ فليتأكد "عسى ان تصيبو قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".

امنية مستهلكة تجدد ضرورتها، هي اللجوء للحوار بدل العنف، اذا ما اختلفنا في أمر ما، تحثني على تأكيد استنكاري لاقتحام الاعلام من قبل الموتورين..

وظف هؤلاء المسلحون قواهم في اشاعة الخوف بين الاعلاميين، من عبور خطوط وهمية سيرسمونها لهم مستقبلا ويملون شروطا تنعطف بمجريات الكلمة التي نفترضها جريئة في تشخيص الفساد، لتصبح داعمة للفساد، عملا بالحديث النبوي الشريف: "اذا اردت ان ترى اهل النار فاظر لمن يكرم اتقاءً لشره".

فاذا ما احسن الصحفيون تسلم الرسالة، وكفوا عن تناول اخطاء الجهة التي تبعث برسل الموت غربانا الى وسائل الاعلام؛ فانها لن تضمن موقفا قويا نابعا من داخلها، انما بدت قوية المظهر بسبب ضعف الاعلام وتهافت قواه عن مواجهة الارهاب.

لا ابرئ الاعلام من اخطاء، لكن تحت اي حجة واية ذريعة، لا يحق للمتضرر اللجوء للعنف ردا على ما تنشره الصحف، خاصة وان اراء كثيرة تجمع على انها جهة تناوئ اختها، في العملية السياسية، صدرت احتقاناتها الى الشارع، تلوي ذراع نظيرتها؛ بغية التسقيط المتبادل، الذي ينتهي منه الجميع الى خسارة موحدة.

ابنذوا العنف وتمرنوا على توظيف العقل في المحاججة، فانتم على رأس الهرم وليس تحت ثقله الضاغط... ومن دون سلام شعبي لا يوجد تاسيس منطقي لمستقبل الرفاه.

على الجهات المعنية ملاحقة المشكوك بانهم ضالعون في الاقتحام، ومعاقبتهم بقسوة، تجعل الذين في قلوبهم مرض.. يرتعدون من الباطل في بيوتهم.. واصحاء الضمير مزدهون بالامل.