عشيرة اللاحظ واللابخت

 

 لاشك ان الجميع متفق على توصيف بنية التكوين العشائري في مجتمع وادي الرافدين بحاضرته وبداوته وريفه بانه الوعاء الصحي لتجمعاتنا الانسانية انطلاقا” من قاعدة ” المجالس .. مدارس ” فهذه المجالس وعبر التاريخ الوسيط والمعاصر والحديث اعطتنا الشواهد الاكيدة على حضور العشيرة في حياتنا اليومية وكان لقوة العشائر الاثر البليغ في انطلاق جذوة الثورات وفي مقدمتها ثورة العشرين المعروفة التفاصيل … مما دفعنا الى ادامة آصرتنا بعشائرنا والتغني بامجاد الآباء والاجداد وابناء العمومة …

 

هذه العشيرة التي ترافقنا في وثائقنا الرسمية وهي المتكأ حينما يشيح الزمن بوجهه عنا ويغادرنا الاحبة والاصدقاء .. هي شأن مميز مجده الدين الاسلامي ” وانذر عشيرتك الاقربين ” وهي صلة رحم محفوظة بالمحافظة على الانساب والاصلاب بالرغم من  ” كلنا لآدم وآدم من تراب ” .. ولا نختلف على دور السابقين في سن قوانين العشائر وتمييزهم بين الصالح والطالح وتشجيعهم مبدأ التحكيم و ” الفراضة ” لحل المنازعات على اساس من الطيبة والكرامة ورضا الله تعالى والضمير …

 

اما اليوم فالموازين مختلفة والعدالة مفقودة بين اغلب عشائرنا ويتسيد عامل القوة والفظاظة في فك النزاعات وحل المشاكل ” البسيطة والمعقدة ” حيث فرض الشروط التي لا يستسيغها اي منصف ومنها الاستحواذ على اموال الناس مقابل حل مشاكلهم معهم وقد يفرضون ترحيل الاخرين من مساكنهم عنوة وافتداء الخصوم باخذ بناتهم ” فصلية ” واشياء اخرى ما انزل الله بها من سلطان تحت نظر ومسمع رجال الدين والحكومة والتربويين في المدارس والجامعات والاسر الفاضلة ..

 

ومن عجائب العهد العشائري الحالي ان نجد اشخاصا” كثر يكنون انفسهم  بـ” الشيخ ” حيث لم يكلفوا نفسهم عناء قيادة ابناء عمومتهم رسميا” وانما حصلوا عليها بارتداء كوفية وعقال وعباءة لا يتجاوز سعرها الـ ” 75 ” الف دينار ويذهب الى دور الخصوم مستصحبا” عددا” من معتمري العقال ” المأجورين ” ليفرضوا شروطا” على الناس المسالمين بالباطل .. والانكى من هذا ان هذا ” الشيخ المزور ” يضع تحت يديه عددا” من الاولاد الطائشين يكون دورهم زرع الرعب في قلوب خصومهم باطلاق عيارات نارية على الدور لابتزاز اصحابها …  الحقيقة ان العرف وهو من مصادر التشريع يشوبه اليوم العطب والانحراف ولا يجد من يتصدى لاصلاحه فلا ائمة المساجد ينهضون بدورهم التنويري والتحريضي على نبذ الباطل ولا المدرسة والجامعة تمتلك ادوات التصحيح اما الاسرة فتاركة الحبل على الغارب .. فالخطباء همهم المناسبات الدينية وطرق احيائها واقامة مواكب العزاءات وتسيير الراجلة الى الاربعينية وابتداع طرق التطبير واللطم على الصدور .. والجامعة لم تعد كما كانت تحرص على العلمية والاخلاق فالتدريسي بالجامعة والمدارس يشطب يومه لينتظر راتبه الشهري المجزي .. والاسرة لا تسأل الشاب من افرادها عن ذهابه وايابه وقضاء ساعات النهار وحتى الليل ، المهم انه خارج اهتمام الابوين …  من هنا علينا ان نضع للعشائر قوانين محددة ونعالج الشطط في سلوك بعض المشايخ الذين خلقتهم المصادفة وعزوف الشيوخ الحقيقيين عن ممارسة قيادتهم لعشائرهم بسبب الضنك المادي او المرض او صعوبة التنقل وان تتوحد السنن العشائرية على اساس من الدين الاسلامي الحنيف ووازع الضمير الانساني النبيل وان تضع الضوابط بميثاق شرف عشائري باشراف ومباركة القضاء .. وان الله تعالى يهدي لما هو اقوم    سبحانه …