صور غير ضاحكة



 

أصبحنا نتهيب من مراجعة الدوائر الحكومية .أمسينا نبات قلقين إذا ما قررنا الذهاب إلى دائرة رسمية .تفاجأ بالبواب أو الحاجب أو موظف الاستعلامات الذي لا يستقبلك بود ،وقد يستقبلك بدفعة ليجلس على كرسيه وأمامه منضدته الكرستالية ،أو يوقفك في صف طويل يلفحك برد الشتاء ويذيبك حر الصيف .وحينما يقيض لك أن تدلف إلى الغرفة  التي فيها معاملتك تجد من يمنعك من الدخول  لان السيد الموظف لديه اتصال قد يطول ويطول وأنت واقف تسند ظهرك إلى الحائط .

 

يأتي بعدك مراجع  آخر فيدخل قبلك وتنجز معاملته  لأنه موصى به  أو لان موظفا آخر جاء معه .

 

تدخل حسناء ترتدي ( حصر )  وعطرها الفرنسي يفوح  فتفتح لها الأبواب وتنجز معاملتها بسرعة البرق ،والحظوة المتميزة بمراجعة الدوائر والهيئات والمؤسسات  يمتلكها أقارب وأبناء المسؤولين والتجار وأصحاب الجاه والمناصب حيث لا يكلفوا أنفسهم ولا يعانون من شي سوى جلوسهم في غرفة المدير المحترم أو الرئيس الموقر وقبل أن يشربوا ما قدم لهم استلموا معاملاتهم وهي منجزة .

 

 والمراجع المسكين والفقير يتفرج على هذه المهازل وهو  منكسرا كئيبا ويحمل بيده المرتعشتين كومة الأوراق البالية وتخنقه الحسرة .

 

يدخل ( الأستاذ ) فلان من قبل ( الأستاذ ) فلان  ويخرج بعد دقائق شاكرا انجاز معاملته وأنت ترفع قدما وتنزل قدما لان رجليك أرهقها التعب .

 

تريد أن تقابل السيد ( المدير ) أو ( الأستاذ ) فلان  رئيس المؤسسة أو الهيئة أو الجامعة  الفلانية أو عضو ( البرلمان )  أو أو  فلا احد يسمح لك ،فالسيد المدير مسافر والأستاذ  أو الرئيس لديه مقابلة مع شخصية ( محترمة ) قد تكون السيدة ( فلانة )  أو ( الفنانة علانة ) أو الشاعرة  ( التعبانة ) .

 

وتعود والخيبة تملا جوانحك لأنك لا بالعير ولا بالنفير .

 

تسال موظف الاستعلامات  أو البواب عن ( الأستاذ ) فلان فيأتيك الجواب وبكل بساطة  ( خرج قبل ربع ساعة ) وحقيقة هو موجود . وتسال  أخر عن الرئيس  فيقول لك  أن  ( الرئيس ) لديه اجتماع وهكذا تعود ملوما محسورا ،وكل تعبك ومعاناتك وجهدك ووقتك الذي أنفقته كي تصل لهذه الدائرة أو المؤسسة ذهب مع الريح .

 

في بلدي ( العراق ) قليلا ما تجد من  يعاملك وفق مبدأ المواطنة الحقة أو الاحترام المتبادل .

 

ليس لدينا غير ( الدفع ) والتسويف والتهميش .

 

إنها صور غير ضاحكة وتأكيدا باكية .