بسم الله الرحمن الرحيم
تمثل ظروف الحرب ضد "داعش" والازمة المالية والبطالة ونقص الخدمات وتعقد الملفات الاقليمية والانقسامات الداخلية اعباء كبيرة ليس على الحكومة فقط بل على مجمل الاوضاع في البلاد.. وبدون ترتيب الاولويات والتركيز عليها فاننا سنعجز عن مواجهة ما هو اخطر واهم.. فلا ننجح في حل القضايا الفرعية ولا نضمن النصر في القضايا الاساسية. ولن يختلف اثنان من العقلاء ان محاربة "داعش" تقف في اولى الاوليات.. فبدون انجاز هذه المهمة فسيبقى كل شيء في خطر.. بل ان الوحدة لمحاربة "داعش" هي بحد ذاتها حلاً لعدد غير قليل من الامور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاقليمية والدولية. ان محاربة "داعش" تتطلب اعلى درجات الوحدة والتهدئة بين جميع القوى المشاركة في العملية السياسية والمعادية لـ"داعش" عراقياً واقليمياً ودولياً.. وان اي اشغال او انقسام بين هذه القوى بما يشغلها او يحرفها عن اولوية التصدي لـ"داعش" سيعرقل انجاز بقية المهمات. فهناك من جعل اولويته مواجهة الحكومة بدل مواجهة "داعش"، وهذا خطأ كبير.. وهناك من جعل مواجهة قوى او شخصيات سياسية اولويته بدل مواجهة "داعش"، وهذا خطأ كبير.. وهناك من جعل مواجهة هذا المكون او ذاك اولويته بدل مواجهة "داعش"، وهذا خطأ كبير.. وهناك من جعل مواجهة هذه الدولة او تلك الدولة اولويته بدل مواجهة "داعش"، وهذا خطأ كبير ايضاً. بل ذهب كثيرون وانشغلوا في معارك صغيرة وصراعات جانبية سواء في قضايا الدولة او في الصراع على مواقعها، او في المماحكات غير النافعة بين القوى السياسية، او في وسائل الاعلام. وهذا ما يفكك الجبهات ويضعف المعنويات ويستهلك الامكانات والطاقات، وهو ما سمح سابقاً، ويسمح اليوم، من تمكين "داعش" على انفسنا.. فسقطت محافظات ومناطق كاملة، وما زلنا في حرب ضروس، تستهلك منا يومياً عشرات الشهداء والضحايا والجرحى، والالاف المؤلفة من النازحين والمناطق المدمرة، ومليارات الدنانير التي تحتاجها البلاد في ظروفها الصعبة هذه.. رغم ذلك يصر البعض على البقاء في مواقع الخطأ، بل حتى الفتنة والانحراف. صحيح ان اجزاء مهمة من البلاد قد استرجعت من "داعش".. وصحيح ايضاً ان الجميع من قوات مسلحة وحشد شعبي وبيشمركة وقوات شعبية محلية تحقق بتضحياتها وبدعم اقليمي ودولي تقدماً مهماً على "داعش"، لكن المعركة كانت ستعطي نتائج اعظم بكثير مما تحقق وبكلف بشرية ومادية اقل لو جعل الجميع اولويته محاربة "داعش". هذا اولاً اما الامر الاخر، فان كل شيء ما زال على كف عفريت.. فـ"داعش" سرطان ان لم يجتث تماماً، فانه قد يعود اقوى من السابق مع اية هزة او ازمة او تقاطع او ظرف داخلي او اقليمي او دولي جديد.. وهذه كلها ستبقى احتمالات قائمة ما دام كثيرون ما زالوا يضعون لانفسهم اولويات غير اولوية محاربة "داعش".
|