*موجودات المتحف مسدس ابو الطوبة والبرنو التي دشنها ابناء الحي في ثورة العشرين والخناجر والمدى اضافة الى اول الة للتصوير الفوتغرافي استخدمت في محافظة واسط *حين شيدوا مزارا للصحابي"سعيد بن جبير" اكتشفوا مستودعا للاسلحة القديمة في داخله منجنيق متفكك وعدد من القلنسوات والدروع والسيوف، أهداها قائممقام قضاء الحي الى المتحف
اول شيء يخطر في بال المرء، حين يذكر امامه، اسم "قضاء الحي" بمحافظة واسط، هو مقام الصحابي الجليل (سعيد بن جبير) ولكن، ومنذ عقدين من الزمان ونيف ، لاح في افق قضاء الحي، اسم اخر، امسى جزء لايتجزأ من جسد"الحي"، ومن تاريخه ، وذو اهمية،لاتقل شأنا، عن اهمية وتاريخ الصحابي الجليل، بالنسبة لاقضية المحافظة، على حد سواء. فلايمكن البتة، لزائري مرقد"سعيد بن جبير" القادمين من مختلف المحافظات، ان يغادروا قضاء الحي، دون ان يشهدوا، كيف كانت حياة اسلافهم، في السنوات السابقة، من خلال تجوالهم في "المتحف الحياوي" الذي يقع في "ولاية السراي" على مقربة من سوق الحي الكبير. "بغداد الاخبارية" زارت المتحف وتجولت في اروقته، وخرجت بدزينة من المعلومات التاريخية، لتنقلها الى الجمهور. الشوارع التي سلكناها وافضت بنا الى المتحف،اوقدت بداخلنا جذوة من الريبة،حتى خيل الينا ان ماقدمنا من اجله،مجرد "نكتة".فمشهد انابيب الصرف الصحي "الظاهرية" والبيوت المتداخلة فيما بينها،باعمارها التي تجاوزت الخمسة عقود،وانين مفاصل الابواب الصدئة، كلها عوامل جعلتنا نستحيل الى شخصية من شخصيات "البير كامو" في روايته الطاعون. التي تدور احداثها في مدينة وهران الجزائرية. الا ان ذلك لم يحد من عزيمتنا، فأصرارنا، على الظفر بما جئنا من اجله، قادنا للمضي قدما، حتى وقفنا قبالة بوابة المتحف المواربة، وكان في استقبالنا وقتذاك "حسين" الابن البكر لمؤسس المتحف، المرحوم "منعم العطار" الذي طفق يحدثنا عن موجودات المتحف، بدءا من "مسدس ابو الطوبة" الذي يعد اول سلاح يدخل القضاء و"البرنو" التي دشنها ابناء الحي في ثورة العشرين. والخناجر والمدى المعلقة على جدران المتحف، اضافة الى اول الة للتصوير الفوتغرافي"التصوير الشمسي" استخدمت في محافظة واسط، انتهاء بالبراد المخصص لحفظ الاطعمة، المتكون من طبقتين من الخشب، مسورتان بصفائح الالمنيوم. تأسيس المتحف.. بعد تأديته لاصول الضيافة، اخذ "حسين" ابن مؤسس المتحف، يحدثنا عن تاريخ انشائه، حيث قال :(لم يكن انشاء المتحف مجرد فكرة راودت والدي على حين غرة، بل هي رغبة كانت تموج بداخله منذ ايام شبابه، كونه هاوٍ لجمع الاثار فبدأ بجمع وشراء المقتنيات منذ العام 1990 حتى عام 1995،الذي افتتح فيه المتحف، ولم يتوقف عن هوايته الا بعد ان الم به المرض. وفي اولى ايام حياته اقتصر المتحف على عدد محدود من الصور والالات القديمة والاسلحة. غير انه وبمساعدة من ابناء القضاء شهد المتحف تحولا جذريا كبيرا، اذ ازدادت عدد مقتنياته، فضلا عن توسيع القاعة الرئيسة والفضل في ذلك يعود الى ابناء"الحي" وبالاخص الحاج"ابو اكرم" الذي اعاد اعمار المتحف في العام 2011). ويكمل :( ولم تكن في نية والدي من وراء تاسيس المتحف اية دوافع للشهرة او الربح، فالجميع يعلم انه شطر منزلنا الذي تبلغ مساحته 300م2 الى نصفين،وخصص احدهما للمتحف وانفق عليه نصف ثروته ). مقتنيات المتحف.. يقول ابن الحاج العطار، ان اغلب مقتنيات المتحف، تجاوزت اعمارها المئة عام، الا ان اقربها الى قلبه، هي "عصا" عمرها اكثر من 130 سنة تعود الى الحاج "محمود لطفة" احد وجهاء قضاء الحي وكذلك "سجادة" من منسوجات اهل الحي الذي يشتهر بالصناعات الصوفية، شاركت في مهرجان برلين في سبعينيات القرن الماضي، وحازت على المرتبة الاولى. وايضا اول اداة استعملت في محافظة واسط لندف القطن"جكينة وكورنداف"ومجموعة ادوات الحلاقة والختان، اذ كان "الحلاق"يقوم بمهمة ختان الاولاد، والاهم من ذلك كله هو ماعثر عليه ابناء قضاء الحي حين شيدوا مزارا للصحابي"سعيد بن جبير" اذ اكتشفوا مستودعا للاسلحة القديمة في داخله منجنيق متفكك وعدد من القلنسوات والدروع والسيوف وبعد ان صودرت من قبل الجهات الحكومية آنذاك اهداها قائممقام قضاء الحي الى المتحف لتكون جزء من موجوداته وذلك في عام 2012). تجار العرب (فدوة لشانة) على الجدار المواجه لبوابة المتحف علقت لوحة لامرأة لفعت رأسها بخمار اسود وصفّت اسفل اللوحة عدد من الوسائد والافرشة اضافة لقبقاب خشبي ومخطوطة ثبتت الى جانب اللوحة بلاصق شفاف كتب عليها (بيت شانة يعد من اعرق مضائف اهل الجنوب يقصده التجار ليكون محط رحالهم الطويل،شانة التي ولدت بقضاء الحي في العام 1858.ذاع صيت كرمها ونبلها حتى وصل الى العمارة والبصرة والاحواز في ايران، تزوجت من المرحوم موسى علي ولها من الاولاد اربعة ذكور وهم حسين وخميس وعلوان وجبر. كانت شانة تزاول مهنة تجارة الصوف والدهون، اضافة الى تجارة الدواب) استعلمنا من"حسين" عن صاحبة اللوحة، فتبين انها تعد من اهم"المعزبين" في جنوب العراق، وبيتها التي ماتزال اطلاله شاهدة على ذلك. كان استراحة ومناما للتجار وزائري الامام الحسين، ايام عاشوراء ولولا شانة لما كان هناك قضاء اسمه "الحي" لذلك فان "شانة" تحولت الى اسطورة حين رفع ضيوفها شعارهم الماثور (يربح كلمن راح ويانة...وتجار العرب فدوة لشانة). المساعدات الحكومية.. وزوار المتحف ونحن نتجول في اروقة المتحف، وجهنا سؤالا الى مضيفنا وابن المؤسس عما اذا كانت هناك مساعدات مادية او عينية، قدمت لهم من قبل الجهات الحكومية،فأجابنا قائلا:(بالنسبة للدعم الحكومي فلم تمد لنا اية جهة حكومية او غير حكومية يد العون بل على العكس من ذلك، ففي ايام النظام السابق،استدعي والدي لمرات عديدة الى مقر الفرقة الحزبية في "الحي" وارادوا اغلاقه تحت ذريعة ان المعارضين للحكم يتخذونه مقرا لاجتماعاتهم السرية. وبعد عام 2003، فان قوات الاحتلال وجهت اكثر من مذكرة اغلاق بحق المتحف وللاسباب نفسها التي ذكرتها سابقا. ولم تصلنا وحتى وقتنا هذا اي مساعدة او كتاب شكر بأستثناء كتاب الشكر الذي قدمه للمتحف ديوان الوقف الشيعي في القضاء بعد مشاركة المتحف في معرض الصور الذي اقامه الوقف). وعن سؤالنا حول زائري المتحف، اجابنا مضيفنا قائلا(العديد من الشخصيات تجولت في اروقة المتحف منهم رئيس اتحاد الشعراء الشعبيين في واسط رحمن جمعة شلاش وقائممقام قضاء النعمانية عيدان مهدي الوائلي وسعدون حسين الشمري مدير البيت الثقافي في بابل وعدد من الضباط ورجال الدين وكذلك القنوات الفضائية منها فضائية العهد والغدير وجريدة الصباح). قبل ان نغادر المتحف طلب منا "حسين منعم العطار"ان ندون اسماءنا في سجل الزائرين وحين اخذنا نتفحص الاسماء، اكتشفنا ان محافظ واسط، ومحافظ ذي قار كانا قد سبقانا في زيارة هذا المعلم التاريخي دون ان يساندا القائمين عليه بكلمة عرفان واحدة
|