حملة الشهادات العليا .. خبرات تتسكع في المقاهي بانتظار فرصة الهجرة

منذ مدة طويلة وحملة الشهادات العليا في العراق من دون عمل ، وقد شاهدوا أن ما حصل لهم بعد إنقضاء تعب السنين من سهر الليالي والدراسة ليل نهار ، إنها لم تنفعهم في تحقيق حلمهم  بالتعيين أو إيجاد عمل وظيفي مناسبا لهم حسب تخصصهم من أجل الافادة من خبراتهم العلمية ، فأدى ذلك الامر الى سفر بعضهم أو هجرتهم الى الخارج ، نتيجة اليأس الذي أصابهم في الحصول على عمل يناسبهم ، بسبب نسب التضخم الموجودة في الوظائف الحكومية والتخمة الكبيرة في إعداد الموظفين في جميع الدوائر حالياً .
فهل سيجد أصحاب الشهادات العليا مكاناً لهم وسط هذه الدوامة ؟ ولماذا لا تقوم الجهات المعنية بتعيينهم من أجل الاستفادة من خبراتهم في تطوير دوائر الدولة ؟ وكيف لبعض الدوائر التي تنهض بعملها ومعظم موظفيها من الشهادات الابتدائية والمتوسطة وحتى البكلوريوس ؟ .
كل هذه الاسئلة وغيرها كانت محاور حديث المواطنين مع جريدة (( بغداد الاخبارية )) بشأن هذا الموضوع .
الاستفادة منهم
قال باسم حميد داود ( موظف ) يمكن لجميع دوائر الدولة ، أن تستفاد من حملة الشهادات العليا الذين حصلوا عليها ، لانهم  سوف يقومون بخبرتهم بتطوير أعمالها بشكل كبير ، فيشاهد أن غالبية الدوائر ما زالت تفتقر الى حملة الشهادات العليا منذ مدة طويلة ، وأن معظم الموظفين والمتعيين فيها ، هم من حملة البكلوريوس ، والذين حصلوا عليها بعد تعيينهم أو من حملة الشهادات الاعدادية والمتوسطة ، ولا أحد يعرف أسباب العزوف عن الاتجاه على تعيين هذه الكفاءات العلمية والاستفادة منها في دفع عجلة التقدم الى الامام وفي بناء الوطن ومستقبله . 
الاعتماد على الخبرات
أما هدية غريب خالد ( موظفة ) قالت اذا أرادت الدولة في يوم من الايام أن تبني مستقبلها ، فيجب أن تكون هناك قواعد رصينة وعريضة لمختلف الاختصاصات وفي جميع المجالات المطلوبة ، ومنها الاعتماد بشكل كلي على الخبرات وحملة الشهادات وأصحاب الاختصاص الذي يعدون اللبنة الاساسية في صرح بناء مستقبل البلاد ، مع ضرورة رفد جميع الدوائر الحكومية بدماء شابة جديدة ، تقع على عاتقها المسؤولية الجديدة من أجل إكمال مسيرة التقدم والازدهار وهذا ما يجب على جميع دوائر الدولة أن تقوم به حالياً . 
ثروة البلد
بينما يقول عباس عبد الحسن جاسم ( خريج جامعة ) المئات من الخريجين الذين يحملون الشهادات العليا بعد جهد كبير ودراسة لسنين طويلة باختصاصات متعددة ، يعتبرون ثروة للبلد ولا يمكن إهمالهم أو التخلي عنهم ، وجعلهم يفكرون في مغادرة العراق والعمل في دول الجوار من دون الالتفات لهم وإحتضانهم وتعيينهم ، بدلاً من إستفادة تلك الدول من خبراتهم ، وهناك شواهد كثيرة من العراقيين الذين ما زالوا يمارسون إختصاصاتهم بعيداً عن بلدهم نتيجة هذا الاهمال والتهميش لهم ، لذلك وجب على الجهات المعنية من إعداد دراسات من أجل إحتواء هؤلاء من حملة الشهادات العليا والافادة منهم في شتى المجالات .
فائدة الاجيال
غير إن مها عبد الرحمن جليل ( ماجستير لغة إنكليزية ) تريد أفادة الاجيال والطلاب ، لاسيما وأن هناك ضعف واضح لدى طلابتنا الاعزاء في هذه اللغة تحديداً ، والتي كان يجب أن تدرس بصورة جيدة وفق مواكبتها للعصر الذي نعيش فيه والتطور الحاصل حالياً وثورة المعلومات التي غزت جميع المنازل ، فجميع حملة الشهادات العليا عيونهم ترنو وتتطلع الى تقديم خبراتهم للمواطنين بشكل يومي ، ولكن الظروف الحالية لا تساعدهم في الحصول على فرصة تعيين بالعمل ، نتيجة الترهل الوظيفي وعدم وجود شواغر في معظم الدوائر الحكومية ، لان هذه الدوائر تعاني من وجود فائضين عن الملاك بشكل رهيب .
الهجرة والسفرة
في حين يعتقد سامر عبد الوهاب صادق ( خريج جامعي ) إن مسألة السفر الى الخارج والهجرة الى أحدى الدول يعدها من أفضل السبل المتاحة أمامه من الانتظار الطويل في العراق والتي يسهم في تبديد سنوات عمره من دون فائدة تذكر ، لانه  باستطاعته نيل شهادة الدكتوراه في إختصاصه هناك ، نتيجة تسهيل هذه الامور وعدم تعقيدها كما يحصل في العراق ومن ثم التفكير في البقاء في إحدى الدول ، اذا كان لم يحصل على وظيفة فيه ، فالمجالات الكثيرة للعمل في الاختصاص وهي مفتوحة هناك للعيش الهادىء والراحة النفسية ، التي تؤدي بالكثير من الخريجين بالهجرة الى بلدان أخرى لنيل فرص العمل التي إفتقدوها في بلدهم .
لا مستقبل لهم
أوضحت سهاد كريم محمود ( ربة بيت ) بقوله إن كثير من الشباب يفكرون بالرحيل وسوف يقضون حياتهم ربما كلها في الخارج ، ما داموا لا يعلمون وبعضهم يتسكع في الشوارع والمقاهي من دون هدف طيلة اليوم ، ويشعرون بان لا مستقبل لهم في وطنهم الذي يتمنون المشاركة في بنائه ، كونهم لا يمكن أن يتصورا أنهم بلا عمل أو ممارسة إختصاص بعد دراسة دامت سنين طويلة ذهبت من حياتهم ، وأصبح كثير منهم يعيشون وحدهم من دون أن يتكلمون مع أحد في حالة إستياء صامت من هذا الذي يحصل ، وذهبوا يتسألون ، اذا كان حملة الشهادات العليا لا يتعينون ، ولا مجال لعملهم ، فلماذا يدرسون ويحصلون على الشهادات العليا وهم يعرفون مصيرهم ، المنزل أم المقهــى ؟ .
توفر فرص عمل
ويشعر ليث يوسف علي ( طالب جامعي ) بالفرح عندما يشاهد إنتشار المؤسسات العلمية في جميع أرجاء البلد وأن يحاول جميع الشباب مواصلتهم لتحصيلهم العلمي ، ولكنه تأسف عليهم عندما يصابون بالصدمة بسبب عدم توفير فرص عمل لهم ، فالدولة تحتاج الى هذه الطاقات الشابة ، ولابد من وضع خطة طموحة ومدروسة تستغل من خلالها جميع ألاختصاصات الشبابية التي درسوها في الكليات ، بدلاً من تركهم يدخلون في نفق البطالة المظلم وقد يقودهم الى مصير مؤلم وتحرمهم وتحرم عوائلهم من مردود مادي ، يمكن أن ينتشلهم من الفقر ويدبرون شؤون حياتهم .
ماذا بعد !
الخريجون يعتبرون من الكفاءات العلمية الذين أعدوا إعداداً جيداً على مدى سنين طويلة ، بعد ألانتهاء من دراستهم ، وهذا يعني البدء بالبحث عن فرص العمل من أجل حياة قادمة مشرقة ، وعلى هذا الاساس , ينبغي على الجهات المعنية وضمن خططها المستقبلية الموضوعة في هذا الميدان أن توازن بين إعداد الداخلين للجامعات والذين سيتخرجون منها وبين خطط الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية عموماً ، وعدم توفر فرص لهم سوف ينعكس سلباً في هدر موارد المجتمع ويحرمه من جهود وخبرات هؤلاء الخريجين ، لان جميع الطلبة الذين يتخرجون ولم يجدوا عملاً ، سوف يتعرضون لاحباط نفسي كبير يشملهم ويشمل أسرهم .