العودة للماضي والبحث في طيات الذاكرة، واستذكار أيام حلوة، لازلنا نقول عنها أيام الخير بعد أن غاب عنا الفرح والخير، كتب علينا أن نعيش في أسوأ ظرف مر بالعراق، خصوصاً بعد الغزو الأمريكي الغاشم، حيث أعادونا كما خططوا للقرون الوسطى، نحن كبار السن عشنا في هذا البلد أكثر من سبع عقود، عشنا وشفنه وبعد أنشوف ” الرحمة على روح الفنان عزيز علي، الآن من منا لا يتمنى العودة لتك ألأيام، عيش آمن مستقر، كانت هناك دولة، قانون ونظام، لا أحد يعرف الطائفية ولا الفساد، لا قتل وتهجير ولا ميليشيات وقحة، لا سيارات مفخخة تخطف حياة الأبرياء، كنا لا نعرف للطائفية معنى ولا لها مكاناً أو عنواناً، كان الوطن بستاناً أزهاره ألوان، ألأكراد والعرب والتركمان وكل الأديان، متحابين متصاهرين أخوان، البلاء حل بنا بعد أن دخل الغازي الشيطان، أعوذ بالله من شر الشيطان . أعود لأيام الخير، وكيف كانت هناك مساهمات وجدانية للمواطنين آن ذاك في دعم المؤسسات الخيرية والتي تقدم خدمات عامة، واقرب مثل جمعية الهلال الأحمر العراقية، عندما كانت تصدر بطاقات يانصيب أنشاء المستشفيات، الهدف من هذه العملية يحفز المواطن للمشاركة في بناء مستشفى، وسعر بطاقة اليانصيب تعني للمواطن أنه وضع لبنة في صرح تعم الفائدة فيه للمجتمع بشكل عام أو في تطوير عمل المؤسسات الصحية، ناهيك عن الهامش التحفيزي المخصص كجوائز لصاحب الحظ السعيد، أذا نال أحدى الجوائز، إلا أن أغلب الذين يقتنون البطاقة، لا يفكر بالربح أو الخسارة، بقدر ما يرى الغاية والهدف النبيل الذي تسعى الجمعية من أجله، كما أنها دعوة عامة لخلق حالة للمشاركة والتعاون بين الناس، وهذا معمول في أكثر دول العالم، الغريب أن العراق اليوم بوضع لا يحسد عليه، من تدني في الخدمات، واستشراء الفساد، وهبوط أسعار النفط، مع التصدي لعدو همجي شرس لا يرحم، ووباء الكوليرا والهجرة والتهجير سيفرغ البلد من مواطنيه، يبدو أن الحلم بحياة  أفضل مستحيل، في غياب التعاون والمشاركة والاستفادة من مساهمة الجميع في العمل والبناء، سألت أحد الأصدقاء لما توقفت جمعية الهلال الأحمر عن مشروع يانصيب أنشاء المستشفيات أو مشروع بناء المدارس مثلاً ـ أجاب أن اليانصيب حرام مثل الموسيقى والرقص والغناء ـ قلت أليس الكذب والسرقة والرشوة والتجاوز على الحق العام حرام، لماذا هذا يمارس علناً، وذاك لا يشكل خطراً على الآخرين حرام، كيف يستوي النافع والضار في التحريم .؟ لو طبقنا ما حرم الله لما حصل ما حصل لهذا البلد الجريح . ان ما هو مغاير ويستحق الاستذكار والعودة له أصبح آمراً يتمنى المرء أن يعود له، ويستحضر تفاصيله، بما فيه من خير وفائدة، لصالح الفرد والمجتمع، وهناك أمثلة كثيرة تخطر في ذاكرة من عاش عدة عقود سبقت البلاء الذي حل بالعراق، بعد الاحتلال الأمريكي الغاشم، هناك من كان طفلا في سن العاشرة أصبح الآن رجلاً في مقتبل العمر، عاش في أسوأ ظرف مر بالعراق منذ سقوط بغداد عام 1258 على يد المغول، لو عدنا للوراء للعهد الملكي، الذي أطلقنا عليه بعد سقوطه بالعهد المباد، وتلاه العهد الجمهوري بعد عام 1958 كان العراق عرباً، كرداً، تركمان بكل الأديان والألوان، كنا لا نعرف للطائفية مكاناً أو عنواناً إلا بعد أن دخل الشيطان .. أعوذ بالله من جاء بالشيطان، حل الخراب والدمار، تدحرجت كرة النار، حرقت الزرع والضرع، تحرك كل الأشرار فأقاموا الحواجز والأسوار