خط باريف اقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث،وهو اقوى من خط ماجينو الدفاعي الذي انشئ بعد الحرب العالمية الاولى ويعتبر نموذجا للتحصينات الدفاعية الثابتة انشأه الفرنسيون ايمانا منهم بمقدرة الخط على وقف تقدم القوات الالمانية وأنهاكها مما يسهل توجيه ضربات مضادة اليها وتدميرها ،ينسب هذا الخط الدفاعي الى وزير الدفاع الفرنسي اندريه ماجينو الذي اخذ ينادي بنظرية الدفاع الثابت  امام البرلمان الفرنسي . الا ان الالمان تمكنوا من اجتياح الخط في الحرب العالمية الثانية حيث بدأ الهجوم الالماني من 10  ايار الى 14  حزيران 1940  وبهذا التاريخ سقطت العاصمة الفرنسية بأيديهم .

 خط بارليف انشئ على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس،وحتى عمق 12  كم داخل شبه جزيرة سيناء،يتكون من خطين تتخلله تجهيزات هندسية حديثة ومواضع للدبابات والمدفعية وتشغله وحدات احتياطية من المدرعات ووحدات مدفعية ذاتية الحركة ،يبلغ طوله 175  كم ويعد من اقوى التحصينات الفريدة ،تم بنائه على طول الساحل الشرقي لقناة السويس بعد حرب حزيران 1967 وذلك لتامين الضفة الشرقية للقناة ومنع عبور اي قوات مصرية من الضفة الغربية ،اطلقت التسمية على هذا الخط  تخليدا لجهود حاييم بارليف القائد العسكري الاسرائيلي ،وقد كلف بنائه نحو 500  مليون دولار،وهو عبارة عن سد ترابي يتراوح  ارتفاعه من 20  الى 22 متر وينحدر بزاوية 45  درجة على الجانب المواجه للقناة كما تميز بوجود 20  نقطة حصينة تسمى ( دشم ) على مسافات تتراوح من 10  الى 12  كم ،وفي كل نقطة يتواجد 15 جندي تنحصر مسؤوليتهم على المراقبة والرصد والابلاغ عن اي تحرك او محاولة عبور القناة وتوجيه المدفعية الى الاماكن المحتملة للعبور،ثبت على طول الخط دكات ثابتة للدبابات،توجد في قاعدته انابيب تصب في قناة السويس لاشعال سطح القناة بالزيت المضغوط اذا حاولت القوات العبور ،ولكن قبل العبور تمكنت القوات الخاصة  المصرية بسد تلك الانابيب مما سهل عبور القوات المصرية للقناة . روجت اسرائيل كثيرا لهذا الخط على انه مستحيل عبوره ،وانه يستطيع ابادة الجيش المصري اذا ما حاول عبور القناة ،كما ادعت انه اقوى من خط ماجينو بكثير .

في السادس من اكــــــــــتوبر عام 1973   ميلادية و الموافق للعاشر من رمضان عام 1393 هجرية الذي وافق عيد الغفران لليهود تمكن الجيش المصري من عبور قناة السويس ،بعد الضربة الجوية الاولى والقصف المدفعي المركز  ،مستغلين عنصر المفاجأة والتمويه العسكري الهائل الذي سبق تلك الفترة ،كما تم استغلال عناصر اخرى مثل المد والجزر واتجاه اشعة الشمس ،كل هذه الاستحضارات محسوبة حسابا دقيقا بما فيها يوم الغفران لليهود وساعة الصفر ،حيث تمكنوا من اختراق الساتر الترابي في 81 مكان مختلف ،وتم ازالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام خراطيم المياه ومضخات المياه ذات الضغط العالي التي قامت وزارة الزراعة بشرائها قبل فترة مناسبة للتمويه السياسي . صاحب فكرة خراطيم المياه اللواء المهندس باقي زكي يوسف الذي حطم اسطورة خط بارليف ،هذه الفكرة انقذت اكثر من 120 الف جندي مصري من موت محقق

تمر علينا الذكرى الثانية والاربعون لاعز مناسبة على الامة العربية عموما والمصريين خصوصا ،الاوهي حرب التحرير المباركة التي حطمت فكرة الجيش الذي لايقهر والتي نشأت بعد حرب حزيران 1967 فقد شنت مصر وسوريا هجوما متزامنا على اسرائيل في الساعة الثانية من ظهر يوم 6 اكتوبر 1973  هاجمت القوات السورية تحصينات العدو الاسرائيلي في مرتفعات الجولان،وهاجمت القوات المصرية تحصينات اسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء ونجحت القوات المصرية في اقتحام خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة ،فيما دمرت القوات السورية التحصينات الكبيرة التي اقامها العدو في هضبة الجولان ،وحقق الجيش السوري تقدما كبيرا واحتل قمة جبل الشيخ مما اربك الجيش الاسرائيلئ كما قامت القوات الخاصة المصرية بمنع القــــوات الاسرائيلية منها استخدام انابيب النابالم بخطة ادهـــــــــــشت العدو كما حطمــــت اسطورة الجيش الذي لايقهر في سيناء والجولان .

 خسر الاسرائيليون من 8000 الى 10000  قتيل و20000 جريح وتدمير اكثر من 1000 دبابة واسر عدد اخر من الدبابات وتدمير من 303  الى 372  طائرة حربية و25 مروحية بالاضافة الى تدمير العشرات من كتائب المدفعية،وتم اسر العديد من الجنود الاسرائيليين .

ابرز نتائج الحرب انتصار عسكري مصري على الجيش الاسرائيلي ابهر العالم باسره ،بعد ان تهاوى خط بارليف الحصين الذي قيل عنه انه اقوى خط دفاعي في التاريخ،ومن ردود افعال الحرب قيام الولايات المتحدة الامريكية بانشاء اكبر جسر جوي في التاريخ ،لانقاذ اسرائيل من السقوط والانهيارالتام بعد سقوطها عسكريا امام الجيش المصري ،انهاء وازالة مقولة الجيش الذي لايقهر داخل اسرائيل التي اشيعت بعد حرب حزيران1967  تدمير الجيش السوري لخط ( الون ) وحظر تصدير النفط العربي الى الغرب .

ومن ابرز ردود الافعال الاسرائيلية ماتحدث به كبار المسؤولين السياسيين والقادة العسكريين بعد الحرب ،فقد كتبت كولدا مائير في مذكراتها لا شيء اقسى على نفسي من كتابة ما حدث في اكتوبر …فلم يكن ذلك حدثا عسكريا رهيبا فقط وانما مأساة عاشت وسوف تعيش معي حتى الموت….فقد وجدت نفسي فجأة امام أعظم تهديد تعرضت له اسرائيل منذ نشاتها…ولم تكن الصدمة في الطريقة التي يحاربوننا بها …ولكن لان عدد من المعتقدات الاساسية التي امنا بها قد انهارت أمامنا …فقد امنا باستحالة وقوع حرب في شهر اكتوبر …وامنا باننا سوف نتلقى انذارا مبكرا لكل تحركات المصريين والسوريين قبل نشوب الحرب …ثم ايماننا المطلق بقدرتنا التامة على منع المصريين من عبور قناة السويس …انني استعيد الان هذه الايام …ان شيئا لايمكن وصفه يكفي ان اقول …انني لم استطع البكاء .

وقال وزير الدفاع الاسرائيلي موشي ديان قبل الحرب ان خط بارليف منيع مستحيل اختراقه ،اننا اقوياء لدرجة تكفي لان نحتفظ به الى الابد ،واي عملية عبور مصرية اذا ما حدث ستلقى الرد الحاسم ،ولن تؤثر على قبضة اسرائيل الحازمة على خط بارليف .اما بعد الحرب ،فقد قال موشي ديان اقول بوضوح اننا لا نملك الان امكانية رد المصريين الى ما وراء القناة ،لقد أضعف الهجوم المصري قواتنا بصورة متزايدة ،ان ذلك يكلفنا ثمنا باهضا،وينبغي علينا ان نخوض الحرب ضد الجندي المصري والسلاح الذي يمتلكه،فتدمير دبابة ليس كسحق زهرة ،لقد ادرك العالم اننا لســـــنا بأكثر قوة من العرب ،وســــوف يتحتم علينا ان نقول الحقـــــيقة للشعب ،لا بد ان نعترف بالحقيقة ،اننا محــــــــتاجون للجميع ،ليس فقــــــــــط الاحتياط ،لكن ربما الى المتقدمين بالسن ،اننا غير قادرين على دفع المصريين والسوريين الى الوراء.

وقال اريل شارون احد قادة اسرائيل في حرب تشرين ان خبراء العالم اجمعوا على ان مصر حققت مفاجأة كبيرة أذهلت وشلت الجانب الاسرائيلي تماما …فماذا كانت مفاجأة حرب اكتوبر..هل كانت في اختيار يوم الهجوم ليكون يوم الغفران …ام كانت في اختيار التوقيت ليكون الساعة الثانية ظهرا…أو بتنفيذ الهجوم في شهر رمضان …ام بتطبيق المصريين نظرية جديدة في فن الحرب لاول مرة؟ ،وهي امكان تحييد القوة الجوية الاسرائيلية في ميدان القتال باستخدام حوائط الصواريخ المضادة للطائرات .

ان اجتياح الجنود المصريين خط بارليف جعل الامة العربية بأكملها تنفض عن نفسها اثار المهانة التي تحملت الامها منذ عام  1967  لقد ابدى المصريون والسوريون شجاعة عالية وكفاءة وتنظيم دقيقين وحققوا للعرب نصرا نفسيا  كبيرا سيتفاخرون به على مدى التاريخ ،وسيبقى علامة مضيئة في تاريخ مصر وسوريا الى الابد .