القضاء العراقي : هل يسترجع ما سلب منه ؟

 

عند الحديث عن الديمقراطية وعن دور القضاء العراقي في جلسة لي مع بعض الأصدقاء شخص احدهم المشكلة بأنها مرتبطة بما يجري من تحجيم دور القضاء ، فالقضاء الذي يمثل احد اركان السلطة في أي دولة من الدول الديمقراطية لم يأخذ كامل دوره لا سيما دوره الرقابي .
فمن واجبات القضاء المعروفة دوره في مراقبة السلطة التنفيذية لا سيما مراقبة نشاطاتها وصرفياتها ، لكن هذا لم يشمل القضاء العراقي الذي سلب منه هذا الحق واوكل إلى هيئة سياسية بصلاحيات قضائية محدودة هي هيئة النزاهة ، ونظرا لأنفصال هذه الهيئة عن سلطة القضاء فقد وقعت في شباك السلطة التنفيذية وبالتالي غدت مجرد أداة تحاسب بها هذه السلطة من تريد محاسبته وتترك من تتركه .
ومن واجبات القضاء أيضا الأشراف على الإنتخابات ، لكن في العراق لا يقوم القضاء بهذا الدور الذي اوكل إلى هيئة خاصة تكاد تكون منزوعة الصلاحيات لا سيما تلك الصلاحيات التي تتيح لها وضع القوانين أو أصدار القرارات الداعمة لأستقلاليتها ولنشاطها الإنتخابي .
ونفس الشيء فيما يخص تصفية تركة النظام السابق ، فلم توكل هذه المهمة إلى القضاء كما تقتضي العادة ، بل أوكلت إلى هيئة سياسية هي هيئة الأجتثاث التي تحولت بعد ذلك إلى المسائلة والعدالة ، ولأنها هيئة سياسية فقد خضعت قرارتها لتأثير القوى السياسية الممثلة فيها .
وبالتالي لم يبقى للقضاء من مهام إلا تلك المهام العادية التي تتعلق بحياة المواطنين ، ولم يعد له من دور إلا ذلك الدور الذي يرتبط بمجرى الحياة اليومية للمواطنين ، أما دوره الرقابي فهو غائب أو معطل وكذا الحال فيما يخص ولايته القانونية على السلطات الأخرى فهي في حكم المهملة أو المنسية.
إذن على القضاء أن يعمل على أسترجاع ما سلب منه فهو سلطة مستقلة حاله حال السلطات الأخرى ، وهو في نفس الوقت سلطة رقابية حيث تتيح له مهامه مراقبة عمل السلطات الأخرى ومحاسبتها إذا أقتضت الضرورة .
فهل يمكنه أن يفعل ذلك لا شك انه يستطيع وهو جدير بأن يفعل ذلك وهذا ما نرجوه ونتمناه .