على مدى عقود، والشيعة في العراق يعانون الاضطهاد على يد من حكم العراق رغم أن الاضطهاد كان يجري على عموم البلد. لكن الطائفة الشيعية كان اضطهادها مركبًا. هذا الأمر لا يحتاج إلى ذكاء في معرفته حيث لا يحتاج المرء سوى دقائق معدودات ليتصفح الإنترنيت ويرى أن الغالبية العظمى من كبار رجال الحكم في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية لم يكونوا من الشيعة. كل هذا كان قبل عام 2003، أما بعد ذلك العام فقد حصل العكس حيث تسيّد الشيعة ورجالهم سدة الحكم. ولكن ماذا عن المواطن الشيعي البسيط؟
هل تغيّر وضعه الحالي عن السابق؟ هل تحسّن وضعه الاقتصادي؟ هل أرتفعت قيمته الاجتماعية في الداخل أو الخارج؟ الجواب قطعًا لا! فعلى صعيد القيمة في الخارج لا امتياز للعراقي كونه شيعي بل يمكن أن تكون القيمة أسوء من العادة، داخل العراق لا تعني غير التفرقة والتعصب عند البوح بهذا الانتماء الطائفي.
أي ما أريد قوله إن المواطن لم يتحسّن وضعه ولو بقدر ضئيل كونه شيعيًا .
هنا أريد أن أسال أهلي الشيعة. إذا كان الاضطهاد والغشّ والسرقة من السياسيين الذين يحكموننا فهذا مفهوم لأن السياسي السيئ لا يفكر في شيء سوى مصلحته الخاصة ومصلحة المجموعة المقربة منه سواء كان القرب عائليًا او حزبيًا او عشائريًا. ولكن كيف برجل الدين الذي تراه الناس ممثلاً للدين والأئمة والطائفة وهو لا يفكر إلا بشخصه مستغلاً الدين والطائفة لهذا الغرض. انظروا إلى رجال الدين وممتلكاتهم التي لا يستطيع أحد أن يعرف مقدارها أو يتقرب منها مخافة الدخول في محاربة المراجع الدينية المحرم المساس بعملها.
أما المراقد وما تدره من أموال طائلة شهريًا وليس سنويًا بسبب كثرة الزيارات لهذه المراقد لمناسبات يروج لها هؤلاء المنتفعون. فهذا الموضوع يبكي من يتابعه، حيث تدخل عوائد مالية ضخمة لهذه الأماكن لا يعلم أحد مقدارها ولا كيف تصرف. بل إن البذخ الذي يصرف على تشييدها وتجميلها يبكي المشاهدأيضا. لماذا؟ لأن من غير المعقول أن تجد مرقدًا مذهّبًا يزوره الآلاف يوميًا وبجواره تجد المتسولين والمحتاجين من نفس الطائفة الشيعية، بل أن الأوساخ وكل ما يسئ النظر يتجمع بجوار هذه المراقد. أليس الاولى صرف جزء من مداخيل هذه المراقد على المواطنين المحتاجين؟ هل يحتاج الإمام صاحب المرقد لكل هذا البذخ حد الشبابيك والقبب المذهبة لكي تحبه الناس وتؤمن به؟ هل كان يعيش هذا الامام في حياته بمثل هذا البذخ كبقية سلاطين عصره؟ هل المقصود من هذا البذخ إظهار مكانة الأئمة لدى الطائفة بطريقة تغيض الطوائف والأديان الاخرى صاحبة المراقد والكنائس والمعابد؟ ثم من أين تأتي كل هذه الأموال التي تصرف لبناء هذه المراقد البذخة؟
لا أستطيع الإجابة على الأسئلة أعلاه لكن يمكنني التفكير اليقين بأن الأموال التي تصرف بهذا البذخ وألاسراف لم تأت بطريقة نزيهة، سواء تبرعت بها مؤسسات أو شخصيات أو دول أو جرى جمعها بطريقة ما.
ما يحتاجه المواطن البسيط هو العيش بكرامة دون أن يمد يده للآخرين . ما يحتاجه المواطن البسيط مجرد مرقد بسيط يزوره ويترحم على من يحبه ويؤمن به. ما يحتاجه المواطن البسيط هو رجل دين نزيه يشاركه الحياة البسيطة ويشعره أن الإمام الذي يؤمن به كان بسيطًا يعيش مثل أبسط إنسان. ما يحتاجه الإنسان البسيط هو رجل دين غير كذاب ولاغشاش يعلمه حب الناس بكل أشكالهم ودياناتهم ويعلمه أن الدين قضية روحية بين الإنسان وربه ولا تحتاج لكل هذه البهرجة. ولكن يبقى السؤال المهم. متى يدرك هذا الإنسان البسيط إن الدين لا يحتاج لوسيط مع الرب وأن العبادة لا تحتاج لهذه المراقد المذهبة، لأن مكانة من يرقد فيها لا تحددها طريقة بناء المرقد، بل العلاقة والإيمان بهذا الامام .
|