من لاجئ إلى مسؤول

 

المساحات هنا اكبر من العراق لكن أنفاسي تضيق فيها حد الاختناق الخبز متوافر لكنه لا يحمل نكهة تنور بلدي ورغم أني احمل جنسية أخرى لكني حيث ما أسير في شوارع المدن التي اطوفها اشعر أني غريب في كل مدينة أزورها .
فالوجوه التي تطالعني رغم كوني بشر مثلهم ولست مخلوق فضائياً هابطاً من السماء تتسائل العيون التي حملها عن هويتي .
كل شيئ هنا يثير السخط رغم إن أي شخص لم يتعرض لي . لا أحد يطرق ابواب منزلي لاعتقالي دون مبرر أو لمعلومات كاذبة . لا سيطرات توقفني ساعات وساعات لتعرف من خلال سؤال لا يستحق كل هذا الزحام المروري و التأخير فيما أذا كنت احمل سلاحا أو لا ! رغم أن كل المنتشرون في نقاط السيطرة يحملون أجهزة تفتيش ثبت فشلها وعدم صلاحيتها لغير محطات الغسل والتشحيم للسيارات كما هو الحال في بلدي .
للوقت قيمة و للأنسان القيمة الأكبر وكل مسائل الأمن والطمأنينة والأستقرار متوافرة بعكس كل مايصلنا من أخبار نسمعها بالأذن ونراها بالعين عن أحداث العنف اليومية والتفجيرات والضحايا الذين تستباح دمائهم لالشيئ الا لكونهم عراقيين أن تركوا البلاد يقتلهم الأشتياق والحنين .
هنا الكهرباء متوافرة ليلاً ونهار ومن الأمنيات العزيزة المنال أن تطفأ ثانية واحدة لكي أستعيد ذكريات وطني الذي لا يحظى بهذا النعمة التكنلوجية رغم ملايين الدولارات التي نسمع انها صرفت لتحسين وتطوير المنظومة في عموم العراق ولكن مايقسو على النفس أن نسمع في ذات الوقت أن لعب الأطفال قد وجدت ضمن المواد التي تم استيرادها لزيادة كفاءة وفاعلية الطاقة في بلادي !.
وهنا أيضا لا يرتكب أي من المسؤولين في الدولة معصية لسبب بسيط جداً يكمن في احترامه للقانون وللحق العام ولنفسه وأسمع في بلاد الرافدين عن فضائح تزكم رائحتها الأنوف عن الفساد الأداري الذي صار تقليعة معتادة تتصدر النشرات الأخبارية التي تبثها مختلف الفضائيات وأبطال هذه الفضائح ليسوا من الباحثين عن رغيف الخبز من الجياع بل هم من المكتنزة جيوبهم وكروشهم وأرصدتهم في الداخل والخارج مثلما تكتنز مكاتبهم الرسمية بكل ماهو مباح وغير مباح من الهدايا والصفقات ويعتبرون ان القانون وضع لخدمتهم وان سيرهم في الحياة العامة السياسية والوظيفية لابد أن يكون بعكس لآنهم يرون أنفسهم فوق القانون .
النماذج لا تعد و لا تحصى للفروق بين البلد الذي مزقه الاحتلال وبين دول العالم التي نشاهدها في غربتنا ويكفي أن اذكر هنا حادثة رئيس البنك الدولي الذي كان مرشحا لمنافسة ساركوزي قد أوقف من قبل شرطة ولاية امريكية لمجرد اتهامه بالتحرش الجنسي بعاملة خدمة في احد الفنادق وأن وزير الداخلية بريطانية قد غرم مرورياً لاستخدامه الموبايل وهو يسوق سيارته !.
أخر الحكاية :
القانون يجب ان تكون سلطته هي الأعلى ولا سلطة أعلى منه . والدولة التي تطبق هذا الشعار بدون مساومة مع هذا الطرف أو ذاك هي التي تأخذ مكانته المتميزة بين دول العالم المتقدم وبدون هذه الحقيقة لانملك الا ان نقرأ على العراق السلام!.