ألعبادي من محنة الإصلاحات إلى محنة القائد الضرورة

لم يتضح بعد ما اذا كان السيد ألعبادي قادرا على المضي قدما بما أعلن عنه من إصلاحات حقيقية ام ان عجلة إصلاحاته ستتوقف في محطات تقترب من دعوات التقشف والإصلاحات الخجولة التي لا يمكنها ان تنتشل البلد من الوقوع في هاوية اللاعودة التي يخافها ويحذرها الجميع بسبب استشراء الفساد ونقص الخدمات.

ولا اعرف ما إذا كان السيد العبادي يمتلك الرؤية الواقعية لحجم ونوع المشاكل التي تهدد واقع البلد ام انه وجد نفسه في موقف لا يحسد عليه بعد خروج التظاهرات العفوية والمدفوعة الثمن ودعوات المرجعية له بضرورة إجراء إصلاحات حقيقية وليست شكلية مع ما منحته من تخويل ويمين ضاربة،لان تحديد المشاكل وتشخيصها يعتبر نصف الحل،الا ان واقع الحال يقول ان الرجل حتى ألان لم يحدد أولوياته ولا زال يدور في فلك رمي سهامه هنا وهناك علها تصيب هدفا مهما.

سهام ألعبادي الطائشة مع كثرتها أصابت في واحدة منها خباء السيد المالكي وخيمة عزه فثارت لهذا الخرق ثائرة أصدقاء الأمس من أعضاء دولة القانون بعد ان أعاد تصريحاته عن هدر المال العام في سنوات حكم المالكي واستخدام هذه الأموال لإغراض ومنهج تعزيز حكم القائد الضرورة على حد تعبيره الشجاع.فكان ان رفعت عواطف نعمة عقيرتها وهي النائحة في كل عزاء عن وهج المالكي ودولة القانون اتبعها رجال المالكي مطالبين العبادي بتوضيح عن من المقصود بالقائد الضرورة.

ولان أعضاء دولة القانون والمالكيين حصرا لا شيء عندهم يعلوا على المالكي فهؤلاء غير معنيين بكل ما تركته حقبته من أثار للدمار والخراب والقتل والتفجير والتهجير والإفلاس بعد ان تيقنوا ان عدالة مدحت المحمود مالكية وان عدالة السماء لم تحن بعد وهم في غفلة عنها.

ان استمرار ألعبادي بخطاباته وتصريحاته النارية عن الإصلاحات وعن محاربة الفساد والمفسدين وعن دعواته القاصرة هنا وهناك لجهات وكأنه مواطن عادي ليست أمرا محمودا خاصة وان الرجل لا يملك كاريزما الخطيب ولا وهج السلطة حتى بعد ان تم إحاطته بهالة من التأييد والدفع القوي ولهذا فان كل ما يتحدث به لا يمكن ان يغير قناعات المتلقي بل ان الصورة البصرية للمتلقي عن السيد العبادي مشوشة ولا تحتاج إلى أدلة وبراهين.

ان استمرار رئيس الوزراء بحزمة الإصلاحات ومتابعتها والتقدم باتجاه ملفات أخرى خلق للرجل ولمن يقف معه أعداء بالجملة بعضهم من أهل الدار وهم الأخطر والأشد فتكا،لهذا فان عليه أن يعمل أكثر من أن يتحدث وان عليه ان يستفاد من الدعم والإسناد الذي حصل عليه والذي بدا يفقد الكثير من تأثيراته وقوته وان عليه أن يعرف ان الانجازات التي تحققها التصريحات لن يسجلها التاريخ.

اعتقد ان من مصلحة ألعبادي ان يترك التصريحات عن القائد الضرورة وعن غيره حتى لا يخلق المزيد من الأعداء ويضيع الكثير من الوقت دون فائدة وعليه ان ينشغل بالعمل باتجاهين هما تفكيك وتجزئة ملفات الفساد كل حسب عائديته وطبيعته وأيضا القيام بحملة تصحيح لمسارات الدولة وفي كل الاتجاهات حتى يلتمس المواطن الأفعال قبل الأقوال ويتحقق من وجود إصلاحات حقيقية وقبل فوات الأوان.