العراق تايمز: كتب كاظم فنجان الحمامي
تعرضت المسافرة طاهرة أحمد (أمريكية من أصل عربي) لحادث عنصري على متن طائرة تابعة لشركة (يونايتد أيرلاينز) بسبب طلبها عبوة (كوكا كولا دايت) مغلقة، وغير مفتوحة، لأسباب صحية، لكن المضيفة ردت عليها قائلة: إنه من غير المسموح تقديم العبوات المغلقة للركاب المسلمين حتى لا يستعملونها كسلاح في الطائرة. ثم قامت المضيفة بتقديم عبوة بيرة مغلقة لراكب آخر، الأمر الذي أثار غضب (طاهرة)، ما دفعها للاستعانة ببقية الركاب. قالت لهم: هل شاهدتم هذا السلوك العنصري ؟، فجاءها الرد من راكب آخر، قال لها: أسكتي، ففي وسعك استعمالها كعبوة ناسفة. نشرت (طاهرة) حكايتها عبر صفحات الفيسبوك، فأثارت موجة من الغضب تجاه شركة (يونايتد أيرلاينز)، التي اضطرت لتقديم اعتذارها الرسمي للسيدة (طاهرة).
امرأة واحدة استطاعت أن تجبر أكبر شركات الطيران الأمريكية على تقديم اعتذارها وإبداء تأسفها على الحادث العنصري، الذي وصفته بعبارة (سوء فهم)، بينما تقف الحكومة العراقية متفرجة أمام الممارسات العنصرية المتوصلة التي اضطلعت بها المطارات الأردنية ضد المسافرين العراقيين.
لا يوجد مطار واحد في الكون يتصرف العاملون فيه مثلما يتصرف الأردنيون في مطار عمان الدولي. حتى أن صفة (طائفي) صارت أقرب للتعريف من كلمة (دولي). فما أن تهبط الطائرات العراقية على مدرج المطار، ويتدفق العراقيون نحو أكشاك فحص الجوازات، حتى يهرع الأردنيون لاستقبالهم بأساليب استفزازية لا علاقة لها بالإسلام، ولا بالعروبة، ولا بأدب الجوار.
فتنهال علينا الأسئلة: هل أنت شيعي أم سني ؟. هل زوجتك سنية أم شيعية ؟. هل لديك أصدقاء من الشيعة ؟. هل أنت مدني أم عسكري ؟، وهل اشتركت في القتال ضد داعش ؟. لماذا جئت إلى الأردن ؟. كم تحمل من الأموال ؟.
من المؤكد أن الحكومة العراقية تعلم علم اليقين بهذه المنغصات التي نواجهها في هذا المطار الطائفي، الذي لا يمارس طائفيته إلا مع العراقيين فقط، وفقط مع العراقيين. بينما يفتح بواباته على مصاريعها للإسرائيليين، فتراهم يتبخترون في صالاته، ويتجولون كما الملوك والسلاطين.
أذكر في يوم من الأيام هبطت طائرة تحمل ركاباً سعوديين، فتوجهوا نحو مكاتب الجواز، وصادف أن سقط جواز أحد الركاب من يد ضابط الجوازات الأردني، فغضب السعودي، وطلب من الأردني أن يهبط إلى الأرض ليلتقط الجواز ويعتذر منه، ثم قال له: لن اسمح لأمثالك أن يرموا الجواز الذي يحمل أختام المملكة السعودية، فما كان من الأردني إلا الإذعان والتنفيذ، ولم يجرؤ على إزعاج الوافد السعودي، لكنه يتلذذ ويستمتع كثيراً باستفزاز العراقيين، وأحيانا يطلب منهم العودة إلى العراق إذا كانوا من الشيعة.
إن احترام الآخر مبدأ إسلامي لا يمكن إنكاره أو التشكيك فيه. تؤكده آيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فالإسلام لا يعرف التعصب أو رفض الآخر، بل يعترف به ويحترم عقيدته ويؤمن بحريته في الاختلاف، والإسلام يعلم الناس أن لا إكراه في الدين، ويعلمهم مبدأ الحرية الفكرية.
لقد أعلى الإسلام شأن العقل والمنطق، وأقام منهجاً متكاملاً في الحوار وحرية المعارضة والاختلاف دون تجريح أو تشويه أو إقصاء. فالعدل في الإسلام من القيم الإنسانية النبيلة التي لا يمكن تجاهلها. أنه الدين الذي يمتاز بنزعته الإنسانية الواضحة الثابتة المتأصلة في معتقداته، وعباداته، وتشريعاته، وتوجيهاته.
أما وقد أصبحت المعاملة السيئة من مواهب المطارات العربية الغارقة في الممارسات الطائفية، فلا مناص من نبذها وإدانتها وشجبها، ورفضها رفضاً قاطعاً، باعتبارها من المنافذ الحدودية المنافية لثوابت الدين الذي جاء ليرسي قواعد العدل والإنصاف، ويرفع مقام الإنسان ويعلي شأنه ويصون كرامته.
يقول ثيودر هرتزل مؤسس الصهيونية: (سنولي عليهم سفلة قومهم حتى يأتي اليوم الذي يستقبل فيه العرب جيش الدفاع الإسرائيلي بالورود والرياحين).
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين
https://www.youtube.com/watch?v=pYm40P6dMPo
|