الاعفاء من المنصب يؤكد المسؤولية

الحزمة الجديدة من الاصلاحات المنتظرأن يقوم بها رئيس مجلس الوزراء تتضمن قائمة اعفاء وكلاء وزارات ومدراء عامون ومن بدرجاتهم،سعياً لضغط النفقات ومساهمة في لجم الفساد ووضع مؤسسات الدولة على سكة العمل الوطني لمواجهة الارهاب.
الاعفاء من المنصب هواجراء طبيعي مسؤول ومحكوم باشتراطات دقيقة ونزيهة لتحقيق الصالح العام في البلدان التي ترنو حكوماتها الى تصعيد الاداء الحكومي لتسريع برامجها في التنمية الاقتصادية ومعالجة تلكؤ العمل في بعض مفاصل الدولة،لكنه في العراق وفي هذا الظرف بالذات يستند الى (اتهام) تسبب في عرقلة تطبيق القوانين واستغلال المناصب للمنافع الشخصية والحزبية على حساب مصالح المواطنين.
على هذا الاساس يكون اجراء الاعفاء خطوة صحيحة لكنها ناقصة ان لم تكن مصحوبة بالمسائلة والتدقيق في ملفات المعفيين من المناصب عن أدوارهم وذممهم ومناهج ادائهم خلال توليهم المسؤولية،خاصة وأن الاسباب الموجبة لاتخاذ القرار ليست وحيدة الجانب لجهة ضغط النفقات فقط، انما تتضمن ملاحقة الفساد أيضاً.
لقد تمدد الفساد في هياكل الدولة سنوات طويلة،ولابد أن عصاباته الفاعلة في تلك السنوات أسست وأعتمدت مناهج (عنكبوتية)لتنفيذ برامجها، وهؤلاء المستهدفين بالاعفاء يمسكون بمفاصل حيوية لتمريرالصفقات وجني ثمارها،وهم مسؤولون عن ضعف الاداء وتخريب الاقتصاد وتداعيات ذلك على المشهد السياسي والامني في البلاد طوال فترة اعتمادهم في المنصب .
ان الاعفاء من المنصب في عراق اليوم يؤكد المسؤولية ولاينفيها، لأن اداء الحكومات المتعاقبة منذ سقوط الدكتاتورية كان السبب الرئيسي للخراب العام،وهؤلاء المعفيون من مناصبهم هم واحزابهم التي اختارتهم جزء حيوي من هذا الخراب، لذلك لايجوزاعفائهم من المسؤولية لمجرد اعفائهم من المناصب.
لقد اثمرت الاحتجاجات الشعبية في عموم العراق الى الآن حزماً من الاصلاحات المعلنه(دون تنفيذ)وستثمر مستقبلاً اصلاحات أخرى تُجبر الحكومة على التنفيذ وتمنعها من المراوغة، لأن صبر الشعب كان نفذ منذُ وقت طويل،وهو ينتظر تطبيقها على ارض الواقع،والتطبيق هو أصلاً في تقديم الفاسدين لعدالة القانون بعد اعفائهم من المسؤولية، وأمام القانون من حق كل مسؤول ( معفى من منصبه أو مازال فيه) الدفاع عن نفسه بوثائق ومستمسكات حقيقية،ومن دون ذلك ستكون حزم الاصلاحات حبراً على ورق،والشعب أدق من الحكام في اختبارات أحبارهم وأنواع الورق !!.