الكهرباء علة مزمنة

 

نحن في عصر يعد من أليق العصور في التقدم العلمي والتقني ، والتطور عجلته تسير بسرعة مذهلة لا تتوقف عند حد ، ومراكز البحث العلمي تعمل جادة ليل نهار ، وتفاجأ العالم باستمرار بما هو حديث وأكثر تطورا في مختلف المجالات ، هناك من أكتسب

 

المزاج التطوري ونظر للمستقبل بجرأة وفتح أبواباً للرقي البشري ، لاشك أن كل العالم من حولنا يتقدم للأمام بسرعة ، أما نحن فحبذا أن نقف عند ما كنا عليه قبل ثلاث عقود ، بل أخذنا نتراجع خطوات للوراء ، للوصول لحالة ألبداوة كما كنا قبل قرون ، أو كما صرح أحد ساسة الغرب ” سنعيدكم للقرون الوسطى ” هم قطعوا عهداً أن نكن كما أرادوا، وامتدت أياديهم الخبيثة ، وتحققت مأربهم ، وحصل ما حصل ، خراب ، دمار ، قتل ، تفجير ، تهجير ، جاءوا بمن يخدم أهدافهم ، ويسير وفق خطط تخدم مصالحهم ، غابت الشمس وادلهم الليل وطال ، وكثر القيل والقال ، 12 عام تعطلت الحياة بعد أن غزانا الهمج وحرقوا ألأخضر واليابس ، وسلطوا علينا من لا يرحم ، تسيد الفساد والجهل وعمت الفوضى .. لا أمل لشروق الشمس من جديد ، الآن نحن في شهر تشرين ألأول نهضت من الفراش في الساعة الثالثة صباحاً ، في ظلام دامس حركت يدي كالأعمى أتلمس مكان المصباح اليدوي ، كي أنير دربي للوصول الى الحمام ، رفعت حزمة الضوء على ساعة ، الجدار ، كانت تشير الثالثة صباحاً ، بعد ذلك عدت للفراش ، أنتظر آذان الفجر وعسى أن ترحمنا الكهرباء بنورها المبارك ، إلا أن العزيزة ليس لها موعد أو وقت محدد وفق جدولة يعرف المواطن حقه في التجهيز ، قررت اليوم أن أحسب ساعات القطع ، خصوصاً ونحن في شهر تشرين الذي يعتدل فيه الجو ويتحسن التجهيز ، وهذا ما كنا نلمسه في السنين السابقة ، استمر تواجدي في البيت أترقب العزيزة متى تهل علينا ، قد لا يصدق البعض من

 

القراء الكرام الذين يسكنون وسط العاصمة بغداد ، كونهم أقرب لأصحاب القرار ، قد يختلف تجهيزهم عنا نحن في أطراف الكرخ ، أقول وأنا صادق أنها عادة في الساعة الثالثة بعد الظهر ، نظرت الى الساعة وحسبت ساعات الانقطاع 12 ساعة بالتمام ، هلهلت لها وغنيت ” هذي عاداتج يهيله من غرورج ما شفيتي ” الرحمة على روح الفنان طالب القره غولي ، أليس أنها علة ومرض مزمن لا علاج ولا شفاء منه ، توطن واكتسبت أسمها منه الكهرباء الوطنية ، والغريب أن أحد الوزراء التكنوقراط ، صرح سوف تسد حاجة البلد وسنصدر الفائض منها الى دول الجوار عام 2013 ، أين الكهرباء وأين الفائض.؟ الكهرباء كانت الشرارة التي فجرت سخط جماهير الشعب في بغداد والمحافــــظات مطالبين بالإصلاح ودحر الفساد وتوفير الخدمات .