بعد ان اطمأن لي، في عيادة طبيب، وبصوت خفيض، وكلام متردد، صارحني بأن لا شيء يزعجه في العراق التي قدم اليها قبل عام، بعد ان كان يعيش في المانيا منذ عشرة اعوام وانه فلسطيني الجنسية عاش في العراق وولد فيه وسافر الى المانيا بعد الاحتلال كمثل العبارة القائلة (سني وشيعي وكردي ووالخ )والتي تنم عن طائفية وعنصرية بغيضة، وفوقية رخيصة، واستعلاء فج يعييب العراقيين. بخجل ارتسمت علاماته على وجهي، أجبته بأنها عبارة طارئة، مستحدثة، لم نسمعها من قبل في مجتمعنا المنفتح والمتسامح، فالشخصية العراقية الحقيقية تميل الى التباسط، والانفتاح على الآخرين. وذلك ليس اختراعا، بل نتيجة تراكمات من العلاقة بالآخر، فالعراق هذه الدولة العظيمة بشعبها ومقدساتها وثرواتها وتراثها وثقافاتها لا تستقيم والانغلاق والتعالي والطائفية. فالتحولات الاجتماعية التي حصلت في المجتمع العراقي بعد عام2003 حيث تحول العراق بعد ذلك إلى ميدان للنزاعات الداخلية وهيمنت عليه الفوضى (غير الخلاقة)بعد ان وعدوا العراقيون المن والسلوى في المرحلة الجديدة في (العراق الجديد).!!.وبعد ان صدعوا رؤوسنا بالديمقراطية والشفافية والفيدرالية والتعددية التي لم يتحقق منها غير الشعارات الزائفة. وبعد ان جاءت النتيجة مخيبة لآمال من ايدهم وساندهم من ابناء الشعب الذي سرعان ما ركض وراء السراب. وبعد أن عجز عن تحقيق هويته الحقيقية، حيث اصيب بالدوار الاجتماعي ومرض النسيان والتخالط بين الغث والسمين، وما عاد يعرف "راسه من رجليه" فغابت سمات( الشخصية العراقية الحقيقية) وحلت محلها صفات لم يخبرها العراقيون من قبل ولم تكن رائجة في مجتمعنا الذي كان منفتحا على المجتمعات الاخرى طيلة الحقبة الزمنية الماضية وبدأت هذه الثقافات الدخيلة تنتشر في عراقنا العظيم لتفرقنا طوائف ومذاهب وقوميات واديان..
|