الحسين وتجار الدين والسياسة



هو دم الشهيد يفوح منه مسك وعنبر، صارخاً الله أكبر، أن يامن تقرأون الفاتحة بكل صلاةٍ هذا صراط مستقيم. 
تمعنوا فيه إنه دم الرسول والرسالة مهروقاً على كثبان كربلاء.
انه فكر ليس دم. إنه ثورة وعَلَم. 
أنّ دمُ الشهيد نار لتحرق الفساد. هي النار خالدة لم تصيرها السنين رماد.
ما كانت ثورتك ياحسين لمنصب او ليبكي عليك الناس بكاءا كئيباً رتيباً، بل كانت صلاح واصلاح.
لم تكن ثورتك يا حسين خدعة حينما اسس القوم لحروب الخداع، بل كانت ثورة واضحة المعالم لتزيح من تسلط على رقاب الناس بأسم الرسول والرسالة.
من قصره المنيف سيطل مسؤولون عراقيون يبكون الحسين من قاعاتهم العملاقة المزدانة بديكوراتٍ اوربية خلابة تأخذ اللب وتصرف الأبصار، عمّا في محاضراتهم من افكار، لكثر ما في الخطاب من تكرار.
سيستمتع الحضور ومن يتابعون على التلفاز بالنظر للرخام المستورد والسجاد الفاخر والمنصة الملكية. سيسمع الناس خطبته وربما يتأثر المسؤولون ويتأثر الحضور بذكر مصيبة الحسين وسيبكي الحسين بحرقة قلبٍ من ليس له عهداً بالشبع ومن له حلم عتيق بشراء بيتٍ كريمٍ يؤيه.
لو كان المال مالهم ورثوه أو كسبوه فهو حلالهم هنيئاً مريئاً ولكن لا المال مالهم ولا الحلال حلالهم فهو ملك شعب كامل. 
ستنتصب في طريق الزيارة المليونية الحسينية مواكب المسؤولين وسرادقاتهم معنونة بأسمهم لتقدم (الهريسة والتمن والقيمة) للزائرين من اموالهم التي نزلت عليهم من السماء فوجدوها داخل قصورهم التي استولوا عليها بعد سقوط نظام ظلم صدام، فحمدوا الله على تدفق الثروات الهائل وبشكر الله امام وسائل الإعلام ستزداد النعم حتماً.
هذا الطريق سلكه الحسين ذات مرة قبل الف عام مضين لدى خروجه على قوم ناظرت افعالهم ما يفعله المسؤولين ورجال دين والكثير من الناس اليوم.
سيرتقي المنابر رجال دين يكررون المواعظ الرتيبة التي طالما رددوها سنين وسنين ولكنهم سيُحّسِنون اكيدا من ادائهم الناعي وطريقة الموال بما يشجي النفوس كي تبكي. سيبكي الحسين بنقاوة أناس آلمهم مصابه وكذلك سوء حالهم. هو بكاء لفاجعة الحسين كما هو بكاء على الحال والمآل.
سيتقاضون الاجور المالية الخيالية من أناس استقدموهم قربة لله تعالى ولأستمرار احياء ذكر الحسين ولولا عظم تلك الأجور لما اتى أكثر الواعظين.
لو جئت يا حسين ها هنا لحاربك الداعون إليك. تصرخ فيهم أنك الحسين بن علي وفاطمة فيرد القوم بالبكاء والنحيب ولطم الصدور والصراخ (وا حسيناه وا حسين) ثم يولون الدبر.
سيمضي سياسيون ورجال دين والكثير من الناس بعيداً عنك. سينشغلون بلبس السواد وتوزيع الطعام فهو أجدى وأنفع من إتخاذ موقف حسيني رافض وملتزم.
ما أنت يا حسين بطائفة بل أمة للنهوض. خلعت ما على رؤوس القوم من زيٍّ ديني تلبسوا به وعرّيت أمام الملأ القوم الذين تستروا بلباس الرسول والرسالة. صار احدهم يبحث عما يواري فيه سوأته ولم يكلفوا أنفسهم وبكل بساطة الأعتراف بالخطأ بحق البلاد والعباد والسعي لتصحيح المسار. 
قرأت عن الحسين كثيرا فألهمني ان اكون عاقلاً واعياً حراً لا ان اكون مستحمِراً غبياً أو عبداً يتلقى التلقين ويطيع.
ما هكذا الحسين رتيباً ولا هو موال يتردد لحلاوة الحديث. بل هو نهظة ووعي وثورة أن الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على السنتهم، يحوطونه ما درت معائشهم فإذا مُحِّصوا بالبلاء قل الديانون.
قال ذاك البيان حسيناً قبيل انطلاق حريق ثورته التي أتت على يابس القوم تلتهمه ناراً كبرى وقودها دم الحسين وحطيمها السلطة الدينية ورجالاتها فيمن اثرى حياته باسم الرسول والرسالة.
هي النار الكبرى التي احرقت يابس القوم لتخضر الأرض بما سقاه الحسين من دمه النبوي الخالص لتلهم الأجيال الوعي والنباهة.
فهل من واعٍ ونبيه؟!