قصيدة للشاعر عبد الرزاق عبد الواحد في رثاء الامام الحسين عليه السلام.

قَدمتُ .. وعَفْوَكَ عن مَقدَمي
حسيراً ، أسيراً ، كسيراً ، ظَمي

*

قدِمتُ لأ ُحرِمَ في رَحْبَتيْك
سلامٌ لِمَثواكَ من مَحرَم ِ

*

فَمُذْ كنتُ طفلاً رأيتُ الحسين
مَناراً إلى ضوئهِ أنتَمي

*

ومُذْ كنتُ طفلا ًوجَدتُ الحسين
مَلاذاً بأسوارِهِ أحتَمي

*

وَمُذْ كنتُ طفلاً عرفتُ الحسين
رِضاعاً.. وللآن لم أفطَمِ!

*

سلامٌ عليكَ فأنتَ السَّلام
وإنْ كنتَ مُخْتَضِباً بالدَّمِ

*

وأنتَ الدَّليلُ إلى الكبرياء
وإنْ كنتَ مُختَضباً بالدَّمِ

*

وإنَّكَ مُعْتَصَمُ الخائفين
يا مَن مِن الذَّبح ِ لم يُعصمِ

*

لقد قلتَ للنفسِ هذا طريقُكِ
لاقِي بِهِ الموتَ كي تَسلَمي

*

وخُضْتَ وقد ضُفِرَ الموتُ ضَفْراً
فَما فيهِ للرّوحِ مِن مَخْرَمِ

*

وَما دارَ حَولَكَ بَل أنتَ دُرتَ
على الموتِ في زَرَدٍ مُحكَمِ

*

من الرَّفْضِ ، والكبرياءِ العظيمةِ
حتى بَصُرتَ ، وحتى عَمِي

*

فَمَسَّكَ من دونِ قَصدٍ فَمات
وأبقاكَ نجماً من الأنْجُمِ!

*

ليومِ القيامةِ يَبقى السؤال
هل الموتُ في شَكلِهِ المُبْهَمِ

*

هوَ القَدَرُ المُبْرَمُ اللايُرَدُّ
أم خادمُ القَدَرِ المُبْرَمِ ؟!

*
سَلامٌ عليكَ حَبيبَ النَّبيِّ
وَبُرْعُمَهُ..طِبْتَ من بُرعُمِ

*

حَمَلتَ أعَزَّ صفاتِ النَّبيِّ
وفُزْتَ بمعيارِهِ الأقوَمِ

*

دِلالَةَ أنَّهُمو خَيَّروك
كما خَيَّروهُ ، فَلَم تُثْلَمِ

*

بل اختَرتَ موتَكَ صَلْتَ الجبين
ولم تَتلَفَّتْ ، ولم تَندَمِ

*

وما دارت الأرضُ إلا وأنتَ
لِلألائِها كالأخِ التَّوأمِ!

*

سلامٌ على آلكَ الحوَّمِ
حَوالَْيكَ في ذلك المَضرَم

*

وَهُم يَدفعونَ بِعُري الصدور
عن صدرِكَ الطاهرِ الأرحَمِ

*

ويَحتضنونَ بكِبْرِ النَّبِّيين
ما غاصَ فيهم من الأسهُمِ

*

سلامٌ عليهم..على راحَتَين
كَشَمسَين في فَلَكٍ أقْتَمِ

*
تَشعُّ بطونُهُما بالضياء
وتَجري الدِّماءُ من المِعصَمِ

*

سلامٌ على هالَةٍ تَرتَقي
بلألائِها مُرتَقى مريَمِ

*

طَهورٍ مُتَوَّجةٍ بالجلال
مُخَضَّبَةٍ بالدَّمِ العَندَمِ

*

تَهاوَت فَصاحةُ كلِّ الرجال
أمامَ تَفَجُّعِها المُلهَمِ

*

فَراحَت تُزَعزِعُ عَرشَ الضَّلال
بصوتٍ بأوجاعِهِ مُفعَمِ

*

ولو كان للأرضِ بعضُ الحياء
لَمادَت بأحرُفِها اليُتَّمِ

*

سلامٌ على الحُرِّ في ساحَتَيك
ومَقحَمِهِ جَلَّ من مَقحَمِ

*

سلامٌ عليهِ بحَجمِ العَذاب
وحَجمِ تَمَزُّقِهِ الأشْهَم

*

سلامٌ عليهِ..وعَتْبٌ
عَتْبَ الشَّغوفِ بهِ المُغرَمِ

*

فَكيفَ ، وفي ألفِ سَيفٍ لُجِمتَ
وعُمرَكَ يا حُرُّ لم تُلجَمِ ؟

*

وأحجَمتَ كيف، وفي ألفِ سيف؟
ولو كنتُ وَحديَ لم أُحجِمِ

*

ولم أنتظرْهُم إلى أن تَد و ر
عليكَ دوائرُهُم يا دمي

*

لَكنتُ انتَزَعتُ حدودَ العراق
ولو أنَّ أرسانََهُم في فَمي

*

لَغَيَّرتُ تاريخَ هذا التُّراب
فما نالَ منهُ بَنو مُلجَمِ

*

سلامٌ على الحرِّ وَعْياً أضاء
وزرقاء من ليلها المُظلِمِ

*

أطَلَّت على ألفِ جيلٍ يجيء
وغاصَت إلى الأقدَمِ الأقدَمِ

*

فأدرَكَت الصّوت..صوتَ النّبوّةِ
وهو على موتِهِ يَرتَمي

*

فما ساوَمَت نفسَها في الخَسار
وَلا ساوَمَتْها على المَغنَمِ

*

ولكنْ جثَتْ وجفونُ الحسين
تَرفُّ على ذلك المَجثَمِ

*

ويا سيّدي يا أعَزَّ الرجال
يا مُشرَعاً قَطُّ لم يُعجَمِ

*

ويابنَ الذي سيفُهُ ما يَزا ل
إذا قيلَ يا ذا الفَقارِ احسِمِ

*

تُحِسُّ مروءَ ةَ مليونِ سيفٍٍ
سَرَتْ بين كَفِّكَ والمَحْزَمِ

*

وتُوشِكُ أن..ثمَّ تُرخي يَدَيك
وتُنكرُ زَعمَكَ من مَزْعَمِ

*

فأينَ سيوفُكَ من ذي الفَقار
وأينَكَ من ذلكَ الضَّيغَمِ ؟

*

عليٌّ..عليَّ الهُُدى والجهاد 
عَظُمتَ لدى اللهِ من مُسلمِ

*

وَيا أكرَمَ الناسِ بَعدَ النَّبي
وَجهاًّ...وأغنى امرىءٍ معدمِ

*

مَلَكتَ الحياتَين دُنيا وأ ُخرى
وليسَ بِبَيتِكَ من درهمِ

*

فِدىً لِخشوعِكَ من ناطقٍ 
فِداءٌ لِجوعِكَ من أبْكَمِ!

*

قَدِمتُ ، وعفوَكَ عن مَقدَمي
مَزيجاً من الدّمِ والعَلقَمِ

*

وَبي غَضَبٌ جَلَّ أن أدَّريه
ونَفسٌ أبَتْ أن أقولَ اكظِمي

*

كأنَّكَ أيقَظتَ جرحَ العراق
فَتَيَّارُهُ كلُّهُ في دَمي

*

ألَستَ الذي قالَ للباترات
خُذيني..وللنَّفسِ لا تُهزَمي؟

*

وطافَ بأولادِهِ والسيوف
عليهم سوارٌ على مِعصَمِ

*

فَضَجَّتْ بأضْلُعِهِ الكبرياء
وصاحَ على موتِهِ : أقدِمِ

*

كذا نحنُ يا سيّدي يا حُسَين
شِدادٌ على القَهرِ لم نُشكَمِ

*

كذا نحنُ يا آيةَ الرافدَين
سَواتِرُنا قَطّ ُ لم تُهْدَمِ

*

لَئِن ضَجَّ من حولكَ الظالمون
فإنّا وُكِلنا إلى الأظلَمِ

*

وإن خانَكَ الصَّحبُ والأصفياء
فقد خانَنا مَن لهُ نَنتَمي

*

بَنو عَمِّنا..أهلُنا الأقرَبون
واحِدُهُم صارَ كالأرْقَمِ

*

تَدورُ علينا عيونُ الذِّئاب
فَنَحتارُ من أيِّها نَحتَمي