عندما دمرّت أميركا العراق عبر مسالك دول الخليج بحجّة تحرير الكويت ..عندما حوصر العراق 13 عاما مع قصف يومي بالطائرات ..
عندما كان العراقيّون يقتّلون ويُأسرون ويعوّقون يوميًّا في حرب حجّتها "الدفاع عن البوّابة الشرقيّة" صرعى معوّقون أسرى جرحى مفقودون بتمويل خليجي..
عندما احتلّت أميركا افغانستان وبتمويل من نفس الدول وبتسهيل إيراني "مكروه" بحجّة مطاردة طنطل القرن العشرين والقرن الواحد والعشرون القاعدة ..
عندما عادت أميركا ومعها نفس حلفائها ودخلت العراق واحتلّته وفعلت ما فعلت في أبو غريب وساحة النسور وحديثة والنجف والبو كمال والبصرة طيلة سبع سنوات بتضحيات مليون ونصف المليون عراقي.. عندما يقتّل العراقيّون يوميًّا بأنواع المفخّخات وألذّها وبالملايين طيلة 12 سنة ..
عندما عادت أميركا اليوم تحت مسمّى مكافحة الإرهاب وداعش بديل القاعدة وبديل أسلحة الدمار الشامل, وقد نست "محور الشرّ" فباشرت تقتل وتصيب وتهجّر الآلاف أطعمت بلحومهم ليس فقط كلاب وقطط وخنازير وأسماك أهوار العراق وصحارى ووديان ديزفول والشلامجة والبسيتين ونهر جاسم ونهر الكارون ,بل هذه المرّة أفواه سمك القرش والأخطبوط ووحوش قاع البحار في البحر المتوسّط ومضيق جبل طارق ومضيق البسفور والبحر الأسود والمحيط الأطلسي ..
عندما تنزح آلاف العوائل العراقيّة بسبب مغامرات أميركا إلى الصحارى والوديان تبلعهم الرمال والعقارب والثعابين والكوليرا والذئاب والضباع والعواصف الترابيّة وعواصف البرد القارص بملابس مهلهلة وخيم كالقبور ..عندما وعندما ..
لم تتحرّك مشاعر مفتو الخليج وشيوخهم يردّد خلفهم أتباعهم في بقيّة البلدان العربيّة, أو يعرفوا الله ,إلّا عندما دخلت روسيا على الخطّ السوري, الخطّ لمكافحة كلّ إرهابي أو داعشي ,عندها فقط عرفوا أّن هناك إسلام وسيادة وحرمين ومساجد وتحريم دماء وشعوب سوريّة وعراقيّة وليبيّة وغزّة والقدس ,وأنّ هناك مظلومون ومهجِّرون وقتلى أطفال ونساء ومدن سوريّة تهدّم وسبايا واعتداء دولي غير شرعي وسيادة سوريّة وحلف رباعي محرّم وأنّ هناك نازحون عراقيّون بالملايين مشتّتون داخل أرضهم عرايا زرايا سبايا ,وأنّ جميعهم مسلمون!..
عندما أكثر من عام ونصف العام تقصف قوّات تحالف أميركا تقتل بالسوريين وبالعراقيين بحجّة مطاردة الإرهاب وداعش, لم تهتز أو ترتجف أو تفزع هذه المشاعر "على دين الله" وخوفًا من الله إلّا عندما بدأ طيران الروس يشارك طيران أميركا "الوليمة" ..والآن فقط ارتجفت قلوبهم الخافقة بالدولار وبالريال وبالدرهم , وفقط عندما دخلت جيوش روسيا "السوفييت الملحدون سابقًا" سوريّا أصبح مقاتلتها للإرهاب ولداعش فواحش وبلاء وقتل الأبرياء المدنيّين السوريين والعراقيّين وهدم لمساكن المسلمين وباتت روسيا هي من تُهجّر العوائل وتقتل الأطفال وكأنّ السلاح الروسي فقط هو القاتل ,والسلاح الأميركي الّذي لم يبق حجرًا على حجر لا في العراق منذ 1991 ولغاية اليوم , ولا في سوريّا ,ولا في أفغانستان ؛سلاح أمين لا يصيب المسيحي ولا المسلم بل يصيب المسلم الإرهابي فقط ..
اليوم انتعشت جيوش "السلطان" الدينيّة وأتاهم "رزقنا" مجدّدًا ومن حيث لا يحتسبون ..
اليوم يجدّد هؤلاء المتاجرون بدين الله أيّامهم الذهبيّة صادحة من جديد عبر الشاشات وعلى المنابر تدعوا "شباب الأمّة" للجهاد ضدّ شيوعيّ الأمس في أفغانستان يوم صدحت حناجرهم تدعوا للجهاد ضدّ الإلحاد يوم سكتت هذه الأفواه ذلك الوقت و"انجبّت" عندما دخل الأميركيّون بدلًا عن "الملحدين" إلى أفغانستان! ..
جيوش روسيا لا تختلف وظائفها عن جيوش أميركا أو غيرهما من جيوش تعبر حدود بلدانها إلى بلدان أخرى ,فجميعها جيوش معتدية ..لكنّ الأكثر إجرامًا هو من يسكت على جيوش تحتل بلدان مكمّلة لبلدانها ومن نفس الجلدة والدين ومرتبطة بها مصيريّاً ..وليته بقي فمه ملجومًا ,بل نراه يهرع ليكون بوقًا لنفس الجيوش في تلك البلدان ..