يلعبون في ساحتنا ولكن

 

من السذاجة الاعتقاد ان تعامل امريكا وروسيا والصين وايران واية دولة اخرى يمكن ان يكون خارج سياق مصالحها وستراتيجيتها المرسومة التي تتجاوز حدود خططنا الآنية المبنية على قصر النظر واللاابالية .. ومن هذا المنظور المعروف والبسيط حتى للمبتديء في التعاطي بالعلاقات الدولية وتداخلاتها ، ينبغي ان ننظر لمسألة التحالف الرباعي بين روسيا وايران والعراق وسوريا مهما يكن عنوانه واهدافه المعلنة والخفية .. وقد خبرنا من خلال معايشتنا لتاريخ مرير في منطقتنا   وغيرها من دول العالم الثالث او النامي ان مباديء حقوق الانسان والديمقراطية والعدالة والمساواة التي رفعتها اميركا لتبرر بها تدخلاتها واحتلالها واسقاطها انظمة وقتل الالاف ان لم نقل الملايين في اميركا اللاتينية واسيا وافريقيا ولم تشذ روسيا التي كانت ترفع لواء الاشتراكية قبل افول نجمها آبان كان الاتحاد السوفيتي يشكل القطب القوي في مواجهة غطرسة زعيمة المعسكر الامبريالي نقول لم يشذ الاتحاد السوفيتي عن هذه القاعدة حيث اتخذ مواقف سياسية تتقاطع والحد الادنى من المفاهيم الماركسية واللينينية بل ودخل في صراعات على مناطق نفوذ مع الصين على حساب المباديء التي يحملها الطرفان ويدعيان الدفاع عنها .. لانقصد هنا الاساءة الى مباديء الاشتراكية التي حلمنا بتحقيقها وامنا وما زلنا مؤمنين بانها الطريق الممهد لشيء من العدالة والمساواة والكرامة فهنالك تمايز كبير بين مواقف الدول الرأسمالية وغيرها من دول المعسكر الاشتراكي ،لكن هذا لايجعلنا نقفز على حقيقة ان الدول جميعها ليست منظمات اعانة خيرية تقدم خدماتها بالمجان للآخرين وان ما يرسم ملامح مخططاتها هو مصالح شعوبها اولاً وقبل كل شيء كل بحسب النظرية التي يرسم في ضوئها سياساته .. ان مراجعة بسيطة لطبيعة العلاقة بين انظمتنا العربية تكشف عن ضعف مفرط حد السخرية ازاء التعامل مع اللاعبين الكبار الدوليين والاقليميين على حد سواء وفرطت اغلب الانظمة الملكية او الجمهورية بمصالح شعبها وتحولت اوطاننا الى ساحات صراع لهؤلاء اللاعبين بامتياز . ما يجري في اطاننا في هذه المرحلة وسيطرة عصابة داعش الارهابية على مناطق غير قليلة في سوريا والعراق وتمددها في دول اخرى وعمليات الخطف والقتل المنظمة من قبل الميليشيات وتصعيدها بين حين واخر ، لايخرج من عملية التنافس بين الكبار والصغار على مواقع لها في العراق وسوريا والحكيم من الزعماء في المنطقة ممن يحسن الاستفادة من هذا التنافس لصالح شعبه ونحن وبكل اسف لسنا كذلك .. أيران الوحيدة تقريباً من احسنت التعامل وحققت نتائج كبيرة من بينها الاتفاق النووي مع ” الشيطان الاكبر ) اميركا مع الاختفاظ بعلاقات وروابط سياسية وعسكرية مع روسيا اتاحت لها ان تكون طرفاً في لعبة الاشتراك في مائدة تقسيم الغنيمة في سوريا والعراق ولبنان .. ليس هنالك من يلوم اية دولة وهي تبحث عن مكان لها في عالم لايحترم الضعيف ، غير ان الملامة الكبرى على قوى وزعامات قبلت بان تتحول دولها الى ساحات صراع تعمها الفوضى وينتشر فيها الفساد .. وقد وضع رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي اصبعه على الجرح عندما قال بصراحة ان البعض نظر الى التحالف مع روسيا وكأن اوباما احد اقربائه ونفس الشيء للبعض الاخر ممن يدافع بعمى عن الموقف الروسي والايراني بعاطفة لامكان لها في عالم المصالح .. والسؤال كيف يمكن للعبادي ان يستثمر هذا لصالح استقرار العراق وتطهير مناطق العراق من رجس الدواعش الارهابيين ؟ وهل يستطيع ان يقنع حلفائه وشركائه من الكتل بموقفه ؟ والى اي مدى هو قادر على اعلاء مصلحة العراق في وقت لم يتحقق لحد الان اي شيء من حزمة الاصلاحات وهي مهمة لتحصين سياجنا الداخلي ؟! اسئلة نظن ان الاجابة عليها تحتاج الى وقت آخر وانتظار ولكن ليس طويلاً .