أيها السياسيون: توحدوا أو إرحلوا

 

 

لم تكن هزيمة مصر في الخامس من حزيران 1967 وتدمير قواتها الجوية والبرية وحتى البحرية نهاية المطاف بالنسبة لمعركتهم ضد اسرائيل ، بل بالعكس استغل عبد الناصر الهزيمة ليحولها الى انتصار حينما اعلن حرب الاستنزاف.. ولم تكن تلك الحرب بغاية النصر او تحرير الارض لكن كان وراءها هدف سام وغير منظور وهو إدامة زخم المعنويات ومحاولة النهوض بها بعد انكسار حزيران.

 

وعلى ما يبدو ان تلك الفكرة بادامة تحشيد الطاقات وتركيز الأفكار حول عدو يجب ان يقهر بالإرادة قبل السلاح كان حافزا حقيقيا لانتصار اكتوبر من عام 1973 رغم ان مصر لم تحصل على اسلحة جديدة طوال فترة ما بين حربي حزيران واكتوبر تغير بها مجرى المعركة او تضرب معنويات الاسرائيلين الذين كانوا في نشوة انتصار حزيران. فلماذا انتصرت مصر؟ وبماذا انتصرت؟.

 

لقد حقق المصريون الانتصار بثلاث نقاط غير منظورة لكنها مهمة وهي:

 

– المعنويات العالية التي حافظت على مستواها حرب الاستنزاف.

 

– الإرادة السياسية التي مثلها السادات والتي كان الفضل فيها ليس لشخصه فحسب بل لضغط الجماهير التواقة للنصر.

 

– عنصر المباغتة الذي خدم مصر في المعركة اكثر من اي شيء اخر.

 

ولو عكسنا الامر على العراق ، فإننا ببساطة خسرنا ثلثي مساحة العراق قبل عام ونصف من الان لصالح تنظيم ارهابي بدون معركة حقيقية بل كانت وما زالت في اغلب أحوالها انسحابات غير مبررة.. فلماذا يحدث هذا الشيء ويتكرر دون حل واقعي؟؟ يجنبنا مزيدا من الخسائر ويعيد للبلاد وحدتها وهيبتها ويجنب سكانها مزيدا من المآسي والويلات.

 

لا شك ان عوامل عديدة تقف خلف هذا التراجع ، منها:

 

– انهيار الروح المعنوية للمقاتلين بسبب تفشي الفساد في معظم الهياكل والقيادات.

 

– المحاصصة وايكال الامر الى غير اهله من المختصين والحريصين على مصلحة البلد قبل مصالحهم ومصالح احزابهم.

 

– غياب مبدأ الثواب والتكريم للابطال الشجعان والعقاب للمتخاذلين.

 

– الخطط العسكرية المكشوفة وغياب السرية وتعدد مراكز القرار في المنطقة العسكرية الواحدة.

 

وتبقى المشكلة الرئيسية المتمثلة في سياسيينا الذين لا يستفيدون من تجارب الآخرين ولا ينظرون الا تحت اقدامهم والى مصالحهم.. لكن لا ضير من تذكيرهم في كل مناسبة ولم اجد افضل من مناسبة حرب اكتوبر التي حولت المهزوم المتقهقر الى منتصر للتذكير بمآسينا في المعركة مع الارهاب والمفخخات او في الحرب على داعش.

 

فمتى يصحو سياسيونا؟ ومتى تنتهي خلافاتهم غير المبررة؟ بل متى ينصتون لصوت العقل والمنطق ويفكرون بشعبهم الذي يعاني وبمقاتلهم الذي يقدم نفسه من اجل بلده؟ هل علموا ان السادات فقد اخاه في حرب اكتوبر؟ فهل فقد احدهم قريبا في الحرب على داعش؟.

 

عذرا أيها السياسيون ان الوضع اصبح لا يحتمل سلبيتكم والأيام والمنطقة حبلى بالاحداث فأما ان تتوحدوا وتقدموا مصلحة الوطن على غيرها من المصالح .. او ارحلوا غير مؤسف عليكم.