هل يحتاج المؤمن دليل الإيمان بالغيب ليبرهن إيمانه للأخر؟ |
الأمر محصور بين، منطق الدليل بالإيمان بالغيب، ومنطق التسليم به .
باديء ذي بدء.:ـ
لزوماً أن نعرف أن محاورة المعرفة الإيمانية بالمنطق ليتبين الرشد من الغي، أمرٌ مسلم به، بل لابد منه إذ لاسبيل لك غيره كونك تطلب الفهم والعقل يطلب التمييز ليحدد وجهة الطريق.
أولاً:ـ
في معرض الحديث عن الإيمان بخالق الكون والإنسان وهو الله (( الغيب))...أقول:ـ
لا يصح في الحوار الإنتقاص من قدسية ألأديان والإيمان، لمجرد عدم الفهم أو القناعة بها، لأن جوهرها ببساطة يتمحور حول الإيمان بالغيب، ولطالما يتوجه الكل بإيمانه للخالق الله ، فلكل منهم وجهته، والمعبود هو المقصود هو المعني بصحة الإيمان من عدمه، من صدقه أو كذبه. مع إفتراض أن هذا الدين ليس من خلق الإنسان بل هدية من المعبود لعباده، أي من الله.
ثانياً:ـ
ليس المطلوب من أي مؤمن إقامة الدليل على إيمانه بربه وكتبه وبالغيب، أو بأي شيء، لأنه ببساطة هو إيمان بغيب، والإيمان هو التسليم والخضوع،كما تؤمن أنك تحب فلان فيُسلِّم عقلك لمشاعرك ويخضع ويسجد لها، فيؤمن بها الذي شغلت قلبه بها. كما جاء في الكثير من آيات القرأن ومنها...
(( الذين يؤمنون بالغيب)) البقرة ٣. والإيمان هو شعور نسجته شحنات معرفية، منطقية نظرية، مالت بالعقل الى التصديق وغيره الى الإنكار.
فأن تؤمن بأن فلان يحب فلان هو إيمان بغيب نسجه خيالك من عالم الحس الذي وهبته لك شحنات الحدث والتي بنيت أساساً على منطق صاغته مصاديق الحس لتولّد الإيمان، فغلب على عقلك التصديق بالرغم من أنه غير مرئي ولاملموس مادي، ومع هذا العقل يسلم بصحته ويصدقه وهنا الطرافة والغرابة في هذا الخضوع الذي لايُفسر إلا أن الإيمان هو علم التخاطر الروحي لاتتمكن من الإتصال به عوالم المادة لإختلاف قوانينه فقانون الإيمان أسمى من كل قوانين الفيزياء والمنطق والمادة ويعيش في روح المادة ، والعلم لازال جاهل بقوانينه، بل هو طفل يحبو والأيمان من عالم القوانين الثاني.
فمن آمن وصدق بالغيب ،هو كمن لمس ملمس الحس اليقين بحبه الشخصي للأخر، فكان عشقه ـ كفرض تمثيلي للتشبيه والتقريب ـ هو الدين. لأن الإيمان الحسي هو الحاكم بصدق المحبة بين الطرفان وليس الحجج المنطقية والبرهان بغلاف فلسفة الكلمات، ودليلنا أنفسنا فيما كيف نشعر بها وتعمل.
فالمشاعرلاتحتاج الى واسطة الكلمات بين كل الكائنات، كما هو الإيمان لايحتاج الى دليل منطقي عقلي ..فلا آتي لآطلب منك الدليل على صحة صدور المشاعر منك وانا شاعر بحبك، وهذا هو التواصل والإرتباط القلبي الذي إذا ما إنفك عاش المتحابان كالزوجان مثلاً عشق الأخوان،لغياب رباط الحب كدين بينهما، فإختفى الإيمان والتصديق به ولاتنفع لإحيائه بالكلمات، لأن الإحساس لايسيطر عليه العقل وهو مايتسبب بتخالف الأقوال مع الإفعال. هنا الذي أصبح بينهما أشبهه بحياة الصداقة وحب الأخوان. كما هو لو إنفك الإيمان لاينفع الإدعاء والدعاء والصلاة لا لله ولامع إحساس الناس.
لذا لايحق لأحد المطالبة من مؤمن شاعر بوجود الله (( الغيب)) ومؤمن بكتابه، بدليل صحة صدور للقرآن عن الله لتثبيت صحة إيمانه.
لأن قلب الإيمان المشاعر لا المنطق العقلي، إنما فقط الخضوع لمنطق التسليم. ولإن لم تفعل وتسلم بأن هذا من الله فأنت لست بمؤمن وليس عليَّ إقناعك بالدليل المنطقي المادي على صحة الإصدار والتأليف أو الخلق والتنزيل للقرآن، فإن رغبت بالسؤال وهذه رغبتك، فآمن بما أؤمن وإنظر بعقلك بما أدركه عقلي وقل لي واجبني هل مثلي ومثلك يستطيع أن يجد الدليل على الغيب ووجود الخالق؟ فإن كان الجواب لا فالسؤال :ـ إذن كيف تتجرأ وتسأل ؟ ثم كيف آمنت أن المؤمن يمكن أن يدلك على الله بالدليل المادي، فطلبته منه، ولهذا كان سؤالك عنه؟
الإيمان يأتي بمنطق الإستدلال العقلي بما يخدم توليد مشاعر الإيمان وقوانينه الفيزيائية الروحية الخاصة فقط، لأن الإيمان هو الخضوع والتسليم. ولايحدث هذا بفعل الدليل المادي ولا بالضجيج.
لذا يجب أن لا نلزم المؤمن بالدليل على الغيب، كما لايجب أن نكره الناس على الإيمان به.(( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) يونس (( ٩٩ )).
|