تجارة المنشطات الجنسية وعواقبها الصحية

استهلت إدارة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة FDA تقريرها حول تجارة المنشطات الجنسية بقولها: «احذروا أيها الرجال٬ المنتجات التي يتم تسويقها لكم بشكل مزيف على أنها مكملات غذائية Dietary Supplements أو أطعمة٬ والتي تعدكم برفع مستوى أدائكم الجنسي أو رفع رغبتكم الجنسية٬ فإنها قد تحتوي على أدوية مخفية أو مكونات غيرُمعلنة٬ وهو ما قد يتسبب في تعريض صحتكم للخطر». وُكتبت العبارة بلغة مبسطة وواضحة إشارة إلى أن ثمة مخاطر كامنة في تلك المنتجات. وأضاف التقرير الصادر في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي أن مختبراتها وجدت احتواء نحو 300 نوع من منتجات مستحضرات المنشطات الجنسية على مواد دوائية غيرُمعلن عن وجودها في ملصقات عبوات المستحضرات تلك. وبعض هذه المواد الدوائية الممزوجة في مكونات هذه المستحضرات هو في واقع الأمر أدوية أعطت إدارة الغذاء والدواء موافقتها لاستخدامها FDA ­ Approved بوصفها علاجاُيوصف في حالات ضعف الانتصاب لدى الرجال مثل فياغرا وسيالس وليفيترا٬ وتوجد في تلك المستحضرات إما على أنها نوع واحد وإما على هيئة خليط منها٬ وأيًضا إما بكميات غير عالية وإما بكميات عالية تفوق ماُينصح بتناوله في جرعتها العلاجية الواحدة. وصدر التقرير بعنوان: «جميع البدائل الطبيعية لعلاج ضعف الانتصاب مسألة خطرة». وقال الدكتور دانيال دو سانتوس٬ المتخصص في قسم برامج المكملات الغذائية بالإدارة المذكورة: «حتى المستهلك الحذر لاُيمكنه معرفة أن تلك المستحضرات ملطخة بمواد دوائية غيرُمعلن عن احتوائها عليها؛ لأن قائمة مكوناتها المكتوبة على أغلفتها لا تذكرها٬ والمستهلك يتم تضليله ليعتقد أنها آمنة لأن المعلومات المذكورة على أغلفتها تقول له إنها تحتوي على مواد طبيعية أو مواد عشبية بديلة للأدوية التي نالت موافقة إدارة الغذاء والدواء في استخدامها بوصفها علاجا لحالات ضعف الانتصاب». وعلق غاري كودي٬ المنسق القومي في إدارة الغذاء والدواء لشؤون الاحتيال الصحي٬ بالقول: «نحن نجد عدًدا مثيًرا للقلق من أنواع هذه المستحضرات التيُتباع عبر الإنترنت وفي متاجر البيع بالتجزئة٬ وأحيانا نجدهاُتباع جرعة واحدة في محطات البنزين ومن خلال آلات البيع٬ ورأينا منها ما كان على هيئة حبوب ولبان العلك وأشرطة تذوب في الفم٬ وتكون محتوية على مواد دوائية أو مركبات كيميائية لم يتم فحصها٬ ومن العسير على المستهلك معرفة ما أنواعها المحتوية على المواد تلك بمجرد قراءة الملصق التعريفي المرفق بعبواتها». وبشكل خاص٬ حذر التقرير من تلك المستحضرات التي يتم تعريفها بعبارات تعد بالحصول على مفعول سريع في أقل من نصف ساعة٬ أو التيُتباع جرعة واحدة٬ أو التي تصل إعلاناتها على البريد الإلكتروني بصيغة البريد المتطفل ٬Spam Emails أو التي كتبت عليها كلمات بلغات غير الإنجليزية٬ وغيرها من العبارات. وذكر التقرير أن الأكثر إثارة للمخاوف الصحية هو أن المئات من أنواعها تحتوي على كميات عالية من أدوية تستخدم بالأصل علاجا لضعف الانتصاب. وعلى سبيل المثال أثبتت تحاليل المختبرات المعتمدة أن من تلك المستحضرات أنواًعا تحتوي على أكثر من 30 ضعف كمية عقار سيالس المسموح تناوله طبًيا في الجرعة الدوائية الواحدة٬ ووجدت تلك الكمية من سيالس مع مزيج من مواد كيميائية ذات تأثيرات مضادة للاكتئاب لم يتم إعطاء التصريح الطبي لتناولها من قبل البشر بوصفها دواء بالأصل. وعلى وجه الخصوص٬ كما قال الدكتور كودي٬ تمت ملاحظة أن بعض أنواعها يحتوي على مزيج من ستة أنواع من الأدوية٬ وهو ما يحمل في طياته مخاطر عند تناولها مًعا مجتمعة في قرص دوائي واحد٬ لأنه لم يتم اختبار وفحص مدى أمان ذلك مطلًقا على صحة الإنسان. والإشكالية أنها لاُتباع تحت اسم «دواء» بل تحت اسم «مكملات غذائية»٬ التي من الممكن قانونيا بيعها دون الحاجة المسبقة إلى الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء. والجانب الآخر المهم في مزيج المواد الكيميائية تلك هو احتمالات خطورة تسببها في تفاعلات بعضها مع بعض٬ إضافة إلى احتمالات تسببها بمخاطر صحية نتيجة تفاعل المواد الدوائية والكيميائية الممزوجة في تلك المستحضرات مع أنواع أخرى من الأدوية التيُيمكن أن يكون المستهلك يتناولها لعلاج أمراض لديه. وتنتشر تجارة مستحضرات تنشيط الانتصاب لدى الرجال في العالم لسببين رئيسيين٬ الأول محاولة الرجل إقناع نفسه أن لا مشكلة صحية لديه أدت إلى إصابته بضعف الانتصاب٬ وهو ما يحتاج إلى إثباته عبر تحسن الانتصاب لديه بتناول مستحضرات طبيعية ومكملات غذائية بدلاً من الأدوية التي يعني التحسن نتيجة تناولها إثبات وجود مشكلة صحية لديه. والثاني عدم إدراك أن الجدوى الأهم لمعالجة ضعف الانتصاب بتناول الأدوية المدروسة التي تمت عليها البحوث والدراسات هو ضمان معرفة كيفية التعامل الطبي مع أي مضاعفات أو آثار جانبية قد تنتج عن تناولها٬ بخلاف تناول مستحضرات تحتوي على مواد كيميائية مبهمة وغير معروف مقدار كميتها الحقيقية. وهناك أسباب أخرى تتعلق بصعوبة الحصول على الأنواع الدوائية وارتفاع تكلفتها المادية وامتناع الطبيب عن وصفها حماية للحالة الصحية للشخص حينما لا تكون مناسبة له وغيرها من الأسباب. وأًيا كانت الأسباب٬ فإن تناول مستحضرات تنشيط الانتصاب خرج واقًعا عن مجالات الترفيه بدليل نتائج تحليل مكوناتها الكيميائية٬ وأصبح ضمن مجموعة المخاطر التي تهدد سلامة صحة الرجل.