لا شيء في كربلاء يمر دون تدوين تأريخه، فالحوار الذي كتب في الواقع، كان بين الدموع والدم، مبنياً على مصائب أهل البيت (عليهم السلام)، وخاصة الحجة المنتظر، أرواحنا لمقدمه الفداء، بقوله: (لأبكينك بدل الدموع دماً)، فنقطة التحول في الموقف، سجله التاريخ بأحرف من نور.
إن جرحي الدموع والدم، هما ثورة على الطغيان، والفساد المتلبس بالدين، والذي لا هدف له سوى البغض بآل محمد، (صلواته تعالى عليهم)، ونشر الفكر المنحرف، كما يفعل أزلام يزيد السفهاء، والقتلة في عراق اليوم، لكن هيهات منا الذلة!
(الرواية الجيدة تخبرنا عن حقيقة بطلها، أما الرواية الرديئة فتخبرنا عن حقيقة مؤلفها) عبارة قرأتها للكاتب الإنكليزي (شيسترتون)، وهي مطابقة تماماً لقصة الطف الكربلائية، التي وضحت وبعمق إلهي مقدس، بطلها الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي طلب الإصلاح في أمة جده، أمام طغاة عصره عليهم اللعنة، فقد ذكروا رواية سفيهة، سفاهة أخلاقهم البغيضة، وأوهموا بها أذنابهم من أهل الفسق والفجور، بأن الإمام خرج على طاعة إمام زمانه، فالقصاص العادل، هو قتلهم آلا ساء ما يحكمون!
إن كان يزيد قد فصل الرؤوس الشريفة، عن اجسادها المطهرة، لكن الحسين وأصحابه، سجلوا لحظات رفض الذل، ومبايعة الطاغية بدمائهم الزكية، وبدى عملهم الإستشهادي المقدس، وكأنه كائن حي، مملوء بالنبل، والحرية، والعدل، والسمو، والكبرياء، والكرامة، على أن جسده لا يصمت ويتشهد، حتى لا يدع لنا فرصة لنتأمل، لأننا شغلنا بنور وجهه الكريم.
رغم إستمرار نوازع الشر، والجريمة، والقتل، والحقد، التي تميز بها الحاقدون، والطائفيون الطلقاء، بقيت ملحمة الإمام الحسين (عليه السلام)، ملتصقة بتلافيف الذاكرة، على مدى العصور والدهور.
يبقى الإمام الحسين (عليه السلام)، ثورة من الشحن العاطفي، لتحقيق سلوك إنساني ملتزم، حيث غرس فينا معاني الصمود، والتحدي، والأمل ضد قوى الظلام والتكفير، وأورد لنا قضايا عقائدية مهمة، بقيت متوهجة حتى يومنا هذا، وباقية الى الأبد.
ختاماً: كل حدث جرى على أرض الطف، محاط بالشعائر المقدسة، تتضمن حنيناً الى ماضي كربلاء، وحاضرها المتوقد، ومستقبلها المتوشح بالثأر، لدمه الإمام الطاهر، على يد صاحب الأمر والزمان، عجل الباريء فرجه الشريف، فجرحنا نازف بالدموع والدم أبداً ما بقينا!
|