الطف؛ أنتصار كلمة الخالق الحلقة الأولى

 

حوارية الخالق والملائكة: ولادة الخير والإستكبار..!

 

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: ٣٠]

 

منذ اللحظة الأولى لنشأة البشرية؛ ما قبل النشأة، في وقتِ التفكير، أعجاز الخالق وحكمته، منذ ولادة الفكرة، والكون يسير بأتجاهين: الخير والشر، الحُب والحقد، الدم والسلام، الفلسفة من الخلق التي جهلها حتى الملائكة، يُسبحون ليلاً مع نهار، يستغرقون بالشكر والعبادة والسجود والتوسل، ألا أن الخالق يعلم مالا يعلمون.

ماءٌ وشجر أخضر، روعة الجبل.. قمته وسفحه، وهضابٍ مستوية تعشق شروق شمسٍ مشتعلة، كوكبٌ أخر مشتعل أو يشتعل أنعكاساً، عذوبة القمر، كونٌ تملئه العظمة، كالبرق مثل خيوطِ الشمس والقمر، تماماً تشبه الروح، روحٌ نُفخت في جسدٍ من طين، أول مرة، من ظلع الروح خلقت روح، من بين الظلعين أنسلخت روح.. وتناسلت.

كونٌ.. خُلق ليعبد، فقط للعبادة، للطاعة والسجود، لا تُزيد لخالقها شيئاً، وأنما.. ليخط قلم الروح المقدسة، حياةٌ مثل الروح، مثل نصاعة صياغتها، كروعة تمازجها مع الطين، طينٌ وروح، روحٌ وطين، وهواء وماء وشمسٌ وقمر.

كُل هذه الروعة، حاضرة في فكرة النشوء، من جانبٍ واحد، حوارية الخالق مع المخلوق، "أني جاعلٌ في الأرض خليفة"، خطابٌ أستطاع أن يزيل اللثام عن خوف الملائكة، عن قلقهم، عبروا عما عصف بوجدانهم، الخشية من مخلوقٍ أخر يشاركهم عالم الرب، من هو؟ ماجنسه ولونه وطعمه؟ والطين! أجسادٌ من طين، من تراب، والتراب يمزقه الهواء، في كل صوبٍ يسير، يتطاير مثل السوء، ذرات السوء ألكتروناته وأيوناته، تتطاير في كونٍ فارغ إلا من الهواء، ربما.. ربما وليس أكيداً، أن يأخذ التراب معه، السوء يأخذ التراب، يسرق الخلق الجديد، يُفسد الأرض ويسفك الدماء!

لكن؛ الخالق يعلم مالا يعلمون، الحكمة التي أتت بالأنسان، التي صنعته، هي للنور الإلهي نفسه (جل في علاه) الذي خلق الملائكة، كثيرٌ من الإستغفار ومثله من السجود والتعبد والتوسل، "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: ٥٦]، الأسباب والنتائج متشابهة، الفلسفة واحدة لخالقٍ أوحد.

حوارية الخالق والمخلوق (الملائكة)، أسست لمعسكرين، الأول للخير والأخير للأستكبار، عرض النسخة الأصلية للمخلوق الجديد، عرض أدم (عليه وعلى نبينا وأله أفضل الصلاة وأتم التسليم) تلك الملحمة الإلهية، الفرق بين العلم والمعلومة، بين علّام الغيب وخالق العلم، وبين معلومة قد حملها الملائكة، خوفاً أو قلقاً أو ضعفاً إدراكياً تجاه المخلوق الأخر، من هذه اللحظة، ساعة العرض، نشأ معسكر يزيد، أبليس ويزيد، يزيد وأبليس، لا فرق، كلاهما أعترضا على حكمة الرب الخالق، ومن هنا.. لحظة سجود الملائكة، ولد أصحاب الحسين (عليه السلام)، الجانب الذي " قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " [البقرة: ٣٢]، جانب الإصلاح وأعلاء دين الخالق، المضحون من أجل الفلسفة الألهية، يرسمون الطف المُنتظِرة للمخلص، لإمام موعود، يملئ الأرض قسطاً وعدلا، كما هو وعد الرب.