حقائق... أكدتها الأحداث الأخيرة |
أسوأ أنواع السياسيين وأخطرهم، هم الذين يبيعون الوهم للناس، ويتخبطون في أزقة السياسة بحثاً عن منافع شخصية بين أنقاض الأزمات، وأخطرهم أولئك الذين يتجهون نحو الأهواء، فيطلقون تصريحاتهم الترهاتية وخطاباتهم العدائية على غير هدى ودون أن تكون لهم مواقف واضحة، ويلعبون بالعواطف ويرفعون الشعارات الشعبوية وغير الواقعية، ويكون كلامهم دون المستوى، وأفسدهم، يتحدثون أكثر مما يفعلون، يستغلون الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومواهبهم الخطابية والمشكلات الخدمية، لتفجير قضايا مثيرة وربما متناقضة، ولتمرير آرائهم النتنة وفرض مشاريعهم العفنة، والمتاجرة بمصائر الشعوب والبلدان، وفي لحظات حلمهم أو سكرتهم بالسلطة يخربون ويهدمون ما بناه الخيرون من أجل مصالحهم الانانية الضيقة..
أمثال هؤلاء موجودون في غالبية المجتمعات، وفي مجتمعنا الكوردستاني كثير من هؤلاء، وهم نماذج واضحة لمخاطر السياسات التدميرية، لأنهم رموز للتضليل، وضعوا ويضعون شعبنا أمام أخطر أزمة يواجهها منذ إنتهاء الحرب الأهلية في التسعينيات من القرن الماضي.
هؤلاء الفاقدين للرشد حاولوا زعزعة الاستقرار برمي الشرر فيه، والضرب على وتر المناطقية المضطربة وإيقاد الفتنة السياسية بهدف استثمار الظروف المستجدة، وخلط الأوراق في سلة صراع أكثر تعقيداً، والتفرغ لخيانات وخيبات أكبر، من خلال رفض كل المشاريع والأوراق التي قدمت لتجاوز الأزمة السياسية التي إصطنعوها في الاقليم، وأصروا على شروطهم ومطالبهم، محاولين وضع الشعب على حافة كارثة غير محسوبة العواقب. وإستبقوا في قراءة النتائج وتسويقها كما يحلو لهم، وإختلطت عندهم المعلومة بالرأي، فاندفعوا ليبشروا في تحليلاتهم بأن حسم الأوضاع سيكون لصالحهم لأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومن خلال حرصه الشديد على مصالح الكوردستانيين سيقدم لهم المزيد من التنازلات ويرضخ لمطالبهم خوفًا من الثمن الذي سيترتب على الدخول في متاهات أزمة جديدة تضاف الى الازمات المتعددة التي تعصف بالاقليم منذ ما يقارب السنتين، أو تحت ضغط الظروف وجهات خارجية. ولكن خابت ظنونهم، ووضعوا أنفسهم وحزبهم وبعض حلفائهم في زاوية ضيقة وفي مواقف حرجة لايمكن تبريرها بسهولة أو الافلات منها دون دفع الثمن، وماجر من إرباك للوضع وإرتباك في المواقف أشار الى أنه كانت هناك نيات صبيانية مبيتة وأحقاد إنتقامية قديمة تهدف الى ادخال الاقليم في فوضى التقلبات السياسية والعنف والتخريب والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، وتهييج الشارع الكوردستاني، وتفكيك وتفتيت الاقليم سياسيا عن طريق زعزعة امنه السياسي والاجتماعي وتغيير خارطته وبنيانه وهدم ما تم بناؤه، وإعادة ماكنة التطور الى الوراء، ولكن الرياح جرت كما لا يشتهون، وكانت الايام السابقة حاسمة وأفرزت حقائق عدة بشأن البت في مصير عدد من الإتفاقات بين الكوردستانيين، وكانت أيضا امتحانا صعبًا من ناحية المعاناة من الخسائر الناجمة عن سياسة اللعب بالنار والعمل صباحا في الحكومة والمؤسسات التشريعية ومساءً في المعارضة ومع الذين يعملون على تعقيد الامور ويصبون الزيت على النار، وأكدت للجميع أن ما دار من فوضى وشغب كان (مدبرا) من قبل اشخاص لا يؤمنون بقدراتهم فيهربون من المسؤولية عبر استهداف غيرهم، ويحاولون الكسب والعيش والترقي على شق وحدة الصف ودغدغة المشاعر بعناوين عريضة، وفتح الطريق لأعداء الكورد للتدخل في شؤوننا الداخلية بهدف إفشال تجربتنا الديمقراطية وسعينا الحثيث نحو إقامة دولة كوردستان، كما أكدت إفرازات الاحداث، من هو العاقل وفوق كل الشبهات والجدار الصلب الذي يحمي البلد، والأكثر شجاعة وأخلاقاً وجرأة وإلتزاماً بالقيم العالية في اختيار أولويات المرحلة، وفي الحفاظ على مصالح الاقليم ومصيره.
|