تساؤلات في ذكرى ٩/٤/٢٠٠٣ |
ها هي تمر الذكرى العاشرة لمناسبة لم يتفق العراقيون على تسميتها بعد هل هي ذكرى الاحتلال ، سقوط بغداد ، التحرير ، زوال النظام الدكتاتوري ، الربيع العربي المبكر ، بزوغ المشروع الطائفي ، إنطلاق الفوضى الخلاقة ، ظهور الشرق الأوسط الجديد ... وغيرها من التسميات التي يعج بها الشارع العراقي . ان القراءة الموضوعية لما حصل في هذه المناسبة تسمح لنا ان نقول ان جميع هذه التسميات تصدق على هذا الحدث الكبير ولو جزئياً وبما أن ( المناطِقة ) يقولون بجواز تسمية الكل ببعض أجزائه فلا بأس بأي منها . والحق أنه لا يمكن لأي منصف ان يتنكر لكل وصفٍ من الأوصاف التي مرت آنفاً ، ولا أظن أننا نُحرج كثيراً إذا ما عَبرْنا هذا اليوم دون أن نضع له مراسيم أوطقوس أوكرنفالات خاصة به من شأنها أن تزيد في اختلافاتنا التي باتت لا تُعد ولا تُحصى ، لكن السؤال الأهم هو هل ما جرى على العراق بعد ٩/٤/٢٠٠٣ ولغاية اليوم كان حتماً مقضياً وقضاءً مبرماً لا يمكن أن يكون أفضل منه بفعل الظروف الموضوعية المحيطة بنا داخلياً وخارجياً ؟ أم أن هناك إخفاقاً لدى الطبقة السياسية التي حكمت بعد هذا التاريخ وهي التي أدت ولا زالت تؤدي الى شروخٍ كبيرة في النظام السياسي الذي يسير عليه العراق ؟ وهل هذا الإخفاق ناتج من القصور الذاتي للطبقة السياسية المتصدية ( قلة الخبرة ، غياب الافق الستراتيجي ، عدم استعدادها المبكر لمرحلة الحكم وتسلم زمام الامور ، هوسها بالمال والجاه ، قلة المخلصين بين صفوفها .... ) أم انه ناتج من التقصير المتعمد ( لارتباط هذه الطبقة أو بعضها بأجندات اجنبية تحتم عليها اتخاذ قرارات تعلم مسبقاً انها لا تتفق والمصالح الوطنية وبناء الدولة الناجحة ) أم إن الطبقة السياسية ليس فيها من قصورٍ ذاتي ولا تقصير متعمد ولكنها مبتلية بقواعد شعبية ليس بمقدورها ان تنتقل بادراكها ووعيها الى مستوى ما تطمح به الطبقة الحاكمة من قرارات مصيرية وكمثالٍ على الاحتمال الثالث ان الطبقة السياسية قد تدرك بأن اقامة علاقات وثيقة جداً مع الولايات المتحدة لرعاية مصالح البلد قرار حكيم ولكن الجماهير لا يمكنها ان تتفاعل مع هكذا قرار او تستسيغه ، أو إن بقاء قوات امريكية في العراق يُؤَمّن للعراق مدخولات مالية ويجنبه الانزلاق الى حرب داخلية وهو قرار سياسي حكيم غير أن المد الشعبي لا زال يعتقد بأن ذلك خيانة وعمالة وإهانة وهكذا في امور أخرى .
و نتساءل لنتفاءل فهناك دول دخلت حروباً فتاكة أفقدتها الملايين من ابنائها بل جزّأتها إلى جزأين لكنها استطاعت ان تنهض من آثار الاحتلال لتكون في مصاف الدول الكبار كما حصل لالمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية فهما دولتان هزمتا في الحرب العالمية الثانية شر هزيمة لكنها استطاعت ان تعيد بناءها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي فمن بين أكبر خمس إقتصادات في العالم عام ٢٠١٢ وحسب تقارير صندوق النقد الدولي هي المانيا واليابان اذ جاءت المانيا في المرتبة الثالثة بعد امريكا والصين وجاءت اليابان في المرتبة الرابعة !! واذا كان مثالنا يتعلق بدولتين هما أصلاً من الكبار وإن شعبيهما قد ارتقيا سلم المجد والحضارة قبل الحرب ويمتلكان من العقول العملاقة ما يؤهلهم لتجاوز كارثة الحرب والهزيمة فان شبه الجزيرة الكورية هي الاخرى قد تعرضت لحرب ضروس تجزأت على إثرها لكوريتين شمالية وجنوبية والأخيرة اليوم واحدةٌ من اكبر النمور الاسيوية تزدهر بصناعات غزت العالم . هل أن المدة الماضية ( عشر سنوات ) غير كافية لبلورة شكل الدولة ونظامها السياسي ؟؟ هل نحن سائرون بالطريق الصحيح نحو تحقيق بناء الدولة القوية وكل ما هو مطلوب وقت قليل وصبر جميل أم لا ؟ وهل كل هذه التقلبات السياسية واللا استقرار السياسي والأمني مرحلي ومؤقت أوجدته ظروف موضوعية سيتمكن النظام السياسي الحالي من تجاوزها أم لا ؟ هل نطمئن أن قطارنا على السكة وتباطؤه لا يؤثر في وصوله ل إلى محطته ؟ أم إننا نجر قطاراً في الوحل ؟؟ وإذا اتفقنا أن هناك خللاً ما في نظامنا السياسي فهل بالامكان معالجته من داخل النظام السياسي القائم ( تعديل دستور ، تشريع قوانين ، تشكيل أحزاب ذات قدرة وكفاءة أعلى مما موجود ... ) أم أن طبيعة الخلل لا يمكن معالجته إلا بالاتيان بنظامً سياسي جديد بوسائل شرعية كالثورة الشعبية أو غير شرعية كالانقلاب العسكري ؟؟ اسئلة مفيدة للتقييم والتقويم وأساسية في تحديد خياراتنا على أرض الواقع قد تختلف الاجابة عليها بين مبشر ومنذر لكنها تدفع الطبقة السياسية لأن تعمل وتُنَظِّر لجمهورها المتعطش للإجابة .
حميد مسلم الطرفي |