لو أنَّ الجميع مثلكِ يا حصة .. بقلم مهرة بنت احمد

«حصة» ذات السبعة أعوام، وجدت في يدي قنينة ماء صغيرة فارغة، فطلبتها مني، وحين استغربت فعلها، حدّثتني بلهفة وشغف عن مشروعها الخيري تجاه الفقراء، وأنها تجمع قناني الماء الصغيرة وتُعيد تعبئتها بالعصير ثم تُوزعها على عمّال النظافة والمُحتاجين، وكانت قد جمعت مئتي درهم في حصّالتها فأخرجتها وتصدقت بها، واستمرت تتحدث عن حلمها بمشروع خيري ضخم يُساعد كل المحتاجين وأطفال العالم المُعوزين، سألتها عن السبب وراء هذه الفكرة المُفاجئة ومن أين استوحتها، فقالت: «لأنّي صمت يوماً كاملاً في رمضان، جرّبت الجوع فوجدته شعوراً قاسياً»!
آهٍ يا حصة، هل تعلمين كم عدد الصائمين حول العالم؟ وهل تعلمين منذ متى ونحن نصوم؟ وهل تعلمين كم عدد البشر الذين يموتون حول العالم من الجوع سنوياً؟ لن أُخبرك بالرقم أعلم أنكِ لم تصلي إليه بالدراسة بعد، ولكن سأُقرّبه لكِ، يموت سنوياً أشخاص بحجم دولتنا خمس مرات، هذا فضلاً عن الآخرين الذين يُصابون بالأمراض نتيجة سوء ونقص التغذية، ولكن لو أن كل شخص منا أحس بقرصة الجوع وتصرف بطريقة مسؤولة كما فعلتِ، لما بقيَ جائع فوق هذا الكوكب، سواء كان إنساناً أو حيواناً أو طائراً....
منّا من إذا جرّب الجوع، أدسم السُّفرة وعدّد الأطباق ونوّع في لائحة الطعام، ومنّا من إذا جرّبه تصرف بنُبلٍ وسموٍّ مثلكِ، اعلمي يا صغيرتي أنّكِ لست جرماً صغيراً، فأنتِ ممن قال فيهم الشاعر: وفيكِ انطوى العالم الأكبر..