انخبص كثيرون، على مدى أسبوع او اكثر، ببرومو قناة الجزيرة عن برنامجها المرتقب حول نوري المالكي. جاء يوم البث فاذا به برنامج "بايخ" في كل معايير التوثيق والتقديم. من يرجو ابداعا او دقة من طائفي كما الذي يرجو من بارح مطر. القناة كشفت عن عورتها الطائفية بدون خجل او وجل منذ زمن بعيد. وكل طائفي هكذا، انسانا كان او جريدة او فضائية: مضحكة.. وهناك محترفون بفن الضحك عليهم. خذوها مني ان حلقة برنامج "الصندوق الأسود" التي خصصت حول المالكي رتبها محترف للضحك على "الجزيرة". وكيف لا تكون مضحكة وكأنها لا تعرف بان هناك انترنت او يوتوب. تجميعات ساذجة من مقاطع مصورة وأخرى مكتوبة كنا قد قرأناها وشاهدناها من زمن "دقناووس" كما يقول العراقيون. خل يضربون بروس الازواج. عوافي. اذكر قولا لكاتب عراقي عن حاجة الروائي للقراءة المكثفة حتى يغني خياله. قال ان الروائي العراقي لا يحتاج الى ذلك لانه أينما التفت سيجد الفنتازيا امام عينيه. هكذا نحن اليوم لا نحتاج صندوقا اسود ولا ابيض ليدلنا على الذي فعله المالكي من خراب بالعراق. ارصفتنا قبل شوارعنا تمتلك اكثر مما تتملكه "الجزيرة" من معلومات عن حجم الخراب والفساد الذي حل بالعراق في زمن الولايتين المشؤومتين. بصراحة ، ما كان البرنامج ولا ما قيل فيه او حوله يشغلني. لكني استغربت من شماتة البعض فينا نحن الذين حمّلنا ونحمّل المالكي قبل غيره مسؤولية تفليش العراق كدولة تحترم انسانها وارضها وسماءها. انه المسؤول الأول عن تفعيل أسلحة الدمار الطائفية الشاملة. لقد استغل هذا البعض تفاهة البرنامج ليمتدح نفسه ويذمنا باعتباره عبقريا لأن حضرته نأى بنفسه عن انتقاد المالكي ويراه، بحسب "فطنته العالية" جزءا بسيطا من سبب المشكلة وليس هو الأساس في كل ما حصل. اصعب شيء على الطائفي ان يحرر وعيه ويفكر بصفاء. فكما أملت عليه وعلينا أمريكا مبدأ المحاصصة الطائفية البغيضة يريدنا ان نكون مثله فنعتمدها معيارا في النقد والانتقاد. قاعدتهم: ان حمّلت المالكي مسؤولية عدم حماية زوار الامام الكاظم، كمثال، مثلما يحمي الخضراء باعتباره يمتلك مفاصل كل الأجهزة الأمنية والعسكرية والاستخباراتية بجيبه، يريدونك في العمود نفسه ان تنتقد سنيا وكرديا كي تصبح "موضوعيا". امر يذكرني بما كانت تعمله الدولة الاموية في اول ايامها. كان خطباء الجمعة يبدأون بسب الامام علي كي يحللوا خطبهم. هؤلاء أيضا يريدوننا ان نبدأ بشتم بارزاني وعلاوي والنجيفي أولا ثم ان انتقدنا المالكي سنكون "خوش زلم" على حد تعبير أحدهم.
|