عملية الحويجة - رابح واحد... خاسرون كثر !

 

عملية الانزال الجريئة لقوات نخبة امريكية وكردية على سجن يخضع لسيطرة الدولة الاسلامية داعش وتحرير رهائن فيه, كانت ناجحة بكل المعايير العسكرية, كما جرى تقييمها, لكنها أثارت العديد من ردود الفعل السياسية المتناقضة. 

ورغم تعابير الرضى التي كالتها الجهة الامريكية والكردية للعملية,  فأنها جاءت لتخفي فشل نسبي تعرضت له العملية, بتحريرها لعسكريين ومواطنين عرب اسرى لدى داعش اضافة الى عدد من قيادات داعش الذين تمردوا على اوامر خليفتهم, بدلاً من افراد البيشمركة الاسرى, كما كان يتوقع.

 يمكن ان نتكهن, تبعاً لذلك, بأن الرابح الوحيد من هذه العملية هم هؤلاء المحررين الذين كانوا على موعد قريب مع تنفيذ عملية اعدام جماعي لهم.

احد ابرز الخاسرين من هذه العملية هو رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارازاني. ففي خضم بحثه عن مخرج لمعضلة رفض الاحزاب الكردية تمديد فترة رئاسته للاقليم, سعى لتحقيق اي انجاز سياسي او عسكري, يعزز موقفه امام هذه الاحزاب وتكريس شخصه كقائد قومي تاريخي للكرد واب رؤوم لهم, بتحرير افراد البيشمركة الاسرى المهددين بالاعدام لدى داعش.

  لكن, ما كل مايتمناه المرء يدركه...... تجري الرياح بما لاتشتهي السفن. 

مع اسفنا الشديد لبقاء مصير مواطنينا البيشمركة مجهولاً بين ايدي هؤلاء القتلة وتضامننا الصميمي مع اهاليهم.

اما الخاسر الآخر فهو الجانب الامريكي. فأضافة الى مقتل احد جنودهم في العملية فان الخسارة الاكبر هي وضعه الجناح المقرب له في السلطة في وضع حرج, بتجاهله وعدم تشاوره مع الجهات الرسمية الاتحادية بشان العملية, مما ادى الى اضعاف موقف حلفائه امام منافسيهم  من القوى المطالبة باستبدال الشريك الامريكي المتهاون في محاربة الارهاب بتحالف عسكري مع روسيا الاتحادية التي اثبتت ضرباتها الجوية ضد مواقع وقوات داعش نجاعتها واظهرت جدية في محاربتها للدولة الاسلامية في سوريا.

وهذا بمعنى آخر خسارة للحكومة العراقية التي جرى تهميشها بالتجاوز على السيادة الوطنية العراقية وخرق الحليف الامريكي, بصلفه التاريخي المعروف, للاتفاقيات المعقودة بين البلدين, فقد ابدت وزارة الدفاع عن امتعاضها من الموقف الامريكي لعدم ابلاغها بالعملية.

 ان السياسة الامريكية تحقق خسارات مركبة بسبب سياساتها المتخبطة في المنطقة, التي تضع مواقفها في موضع المقارنة مع التعامل الروسي الرصين باحترام القوانين الدولية والاتفاقيات المشتركة والجدية في محاربة الارهاب, وعدم الاستهانة بموقف حلفائها, والابتعاد عن فرض نفسها كطرف في الصراعات السياسية الداخلية, كما فعلت الولايات المتحدة اخيراً, والتي طرحت نفسها كطرف منحاز لصالح الرئيس البارازاني على حساب الاحزاب الكردستانية الاخرى.

الدولة الاسلامية باقية في مستنقعها الظلامي, الذي ستجففه نيران ابناء النور. خساراتها وانكساراتها يحتمها منطق التاريخ.