حلم مروري

 

 اول أمس الاحد، كانت بغداد ، ولاسيما شوارعها ، في ابهى صور الانسيابية .. قطعت المسافة من بيتي الى مكتبي بنصف ساعة او اقل ، فيما في بقية الايام تستغرق رحلتي الاعتيادية  بين ساعة والنصف الى الساعتين !

 

ربما السبب في ان يوم امس الأول عطلة رسمية : لامدارس ولا كليات والدوائر معطلة … لكن اليس امام العقول في علوم تخطيط  المدن ودائرة المرور والجهات الاخرى ، من حلول لفك ازمة الاختناقات المرورية التي تشهدها العاصمة وبقية المحافظات يوميا وعلى مدار العام ، نتيجة وفرة المركبات واستمرار تزايد اعدادها ، وبقاء الخرسانات الاسمنتية التي تقطع اوصال الشوارع والازقة على حالها ، رغم التصريحات المتكررة برفعها وآخرها محيط المنطقة الخضراء ورمزها الجسر المعلق ..

 

ان المسح  الذي اعده الجهاز المركزي للإحصــــــاء وتكنلوجيا المعلــــــومات  بالعدد الإجمالي لسيارات القطاع الخاص في العراق لغــــاية  1/ 1 / 2013  اشار الى انه بلغ 3830187 سيارة أي 112 سيارة لكل الف نسمة من السكان و65 سيارة لكل كيلو متر واحد من الطرق المبلطة… واذا اضفنا اليه العدد الجديد من المركبات للعامين الماضيين، فأن العدد كثير جدا ، مع الضيق المتزايد في الطرق والشوارع الفرعية وعدم الشروع بأنشاء مجسرات جديدة الخ ، لذلك ينبغي التوقف عند هذه الحالة الصعبة ، وإلاّ فإن كرة الثلج ستكبر وربما تهوي في اية لحظة ، وتحدث كارثة بيئية ومجتمعية واسعة المدى .

 

ليس غريباً قولي ان “مأساة ” ازدحام المرور بصفة يومية  في بغداد والمحافظات اصبحت ظاهرة دفعت أطباء ومختصين نفسانيين  إلى التحذير من خطرها على صحة المواطنين… حيث اكدوا إن “الاحتراق النفسى”، بات كابوسا يحرث صحة المواطنين، وأعصابهم، وكشفوا أن هذا الاحتراق، يولد أمراضا نفسية منها القلق، والضغط، والاكتئاب، وكلها ناجمة عن طول المدة، التى يقضيها الناس فى الشوارع، والتى تصل فى بعض الأحيان إلى ثلاث ساعات ، ضمن مساحة لا تتعدى اربعة كيلومترات!

 

اذن الموضوع ، ليس سهلاً في واقعنا الاجتماعي اليومي ، والتصدي لتداعياته بات ضرورة ملحة ، وعلى الجهات ذات العلاقة الاستعجال في المعالجة ، فالازمة خانقة .. !

 

وأهم مشاكل المرور يتمثل في غياب التخطيط الشامل للمدن والقصبات ، والتكدس العمراني موجود  في حيز ضيق، وكذلك زيادة أعداد السيارات الخاصة، الى جانب تضارب وشيوع المسؤولية نظرا لتعدد الهيئات والجهات التي تتحكم في منظومة المرور ، وبات المواطن يلحظ ذلك بإزدراء ، لكنه لا يملك القوة المعنوية لردع تلك الجهات!

 

ورغم وصفي للموضوع  بأنه ( ازمة خانقة ) لكني من جهة اخرى اقول   إن أزمات المرور والزحام الشديد الذي تشهده بغداد والمحافظات يمكن حلها  ، والمطلوب فقط  تنفيذ مقترحات علمية وهي معروفة لدى عدد من خبراء المرور على أرض الواقع بعيدا عن الأساليب غير العلمية.. لعل من ابرزها هندسة المرور وتطويرها، وتطوير قانون المرور ليناسب الحلول  وتهيئة البيئة ، وتساوي الجميع أمام القانون ، واستخدام التكنولوجيا في حل الاختناقات التي تحدث بسبب نقص في المعلومات لدى رجال المرور، حيث لازالت اساليب القرن العشرين هي السائدة في كل مجالات الطرق وتوجيه المركبات والسائقين .

 

تبقى أنسيابية المرور ، في بغداد والمحافظات  سيدة احلام الانسان في ذهابه وايابه … ولا يوجد ما يشير الى وجود بصيص امل في تحقيق هذا الحـــلم !!