هناك العديد من المثقفين والسياسيين الذين لا سلطة لهم، يطالبون بالدولة
المدنية، وأعادة الهيبة الى المؤسسة القضائية الفاسدة والتي ساهمت الى حدٍ كبير بالمشاركة في تقاسم الغنائم، حتى ولو كانت قليلة، بالقياس الى سياسي الصدفة من أمثال المالكي وحزب الدعوة وكل الاحزاب الاسلامية بشقيها السني والشيعي. التظاهرات لا تستطيع أن تغير رجال وأحزاب أنغمسوا في السرقة والرشاوي والنسب المئوية بل وحتى المشاريع الوهمية، وهم اصبحوا قوة موجودة في في كل دوائر الدولة، وشاركوا معهم الكثير من الناس الذين أصبحوا من الأثرياء، وهؤلاء لن يسمحوا بأي تغير ومستعدين للقتال والدفاع عن هذا النظام الذي يدعي انه جاء محررا للعراق من الديكتاتورية، وأنه يمارس الديمقراطية ويمنح الحرية كما في الدول الغربية، فماذا يطلب الشعب أكثر من الديمقراطية وأبداء المعارضة في وسائل الاعلام بحرية ؟!
أن الاسلام السياسي الذي لا يملك تجربة للحكم وهو غير مؤهل لذلك، لانه ينسف كل ما يتشدقون به ما داموا يحكمون بحسب مقولات إسلامية والقوة الإلهية. ومن يستطيع أن يجادلهم وقد وضعوا الله ومحمد وأل البيت في جيوبهم، والطرف الاخر من المعادلة الاسلامية يرفع اسماء الخلفاء الراشدين، وخلفاء بني أمية مثالا للدولة وشكل الحكم ؟!!
حسنا، أن بعض المنتفضين والمتظاهرين، خرجوا يطالبون بالإصلاحات، وشيئا فشيئا، تطورت شعاراتهم الى محاكمة الفاسدين، وإلغاء مفوضية اللانزاهة، والمؤسسة القضائية الداعمة للمفسدين، ومن ثم أصبح الشعار أكثر راديكاليا " بالدين باگونه الحرامية " وكان هذا مؤشر خطير بالنسبة لرجال الدين ومن هم في السلطة والذين هم جزء من المؤسسة الدينية !
وتحركت الميلشيات لخطف وتعذيب بعض المتظاهرين وإطلاق سراحهم لإثارة الرعب عند المتظاهرين، لقد كانت رسالة لهم هذا ما ينتظركم إذا لم توقفوا ! وتطور الامر الى الخطف وتغيب بعض اشهر المتحدثين كالسيد الشحماني الذي لا زال مصيره مجهولا ً .
وتحركت حيتان الفساد، بارتكاب سلسلة من الخطف والقتل، وحتى بتفجير سيارات في مناطق شيعية لإخافة الجمهور البسيط .
وحيتان الفساد، أقوياء بالمال المسروق والسلطة، هل يتركوننا نتجه الى دولة المواطن دون النظر الى دينه أو مذهبه أو قوميته ؟ هل يتركون كل الغنائم التي حصلوا عليها خلال ثلاثة عشر سنة لصالح دولة المؤسسات، الى الدولة المدنية المتحضرة التي تسيرها قوانيين عصرية ؟
هناك طبخة يتم التحضير لها على نار هادئة، وستدخل اميركا هذه المرة بقوة- بعد الاتفاق النووي مع ايران - في كل مفاصل الحياة في العراق. وأول اشارات هو تعين عضو الحزب الجمهوري والمقرب من المحافظين الجدد والأوساط الصهيونية والشركات العملاقة، السيد عماد الخرسان، ليشرف على مكتب مجلس الوزراء، وللعلم لن يمرٌ أي قرار دون موافقته. وهذا يعني أنه رئيس الوزراء المرادف للعبادي .
لقد أفهموا الاميركان العبادي، أن حزب الدعوة، وكتلة الحكيم، وقادة منظمة بدر، والشهرستاني، والمهندس وآخرين قرروا أسقاطه وإزاحته عن السلطة، وإذا لم يتمكنوا فأن خطة اغتياله جاهزة، ويتهم بها الجانب السني لخلق احتقان طائفي واقتتال يتم بعدها بعض ميلشيات المنضوية تحت الحشد الشعبي، وجزء من الضباط والقادة والجنود الذين يأتمرون والمقربين من المالكي بالتحرك للسيطرة على السلطة، بمساعدة المخابرات الايرانية وخاصة قائد فيلق القدس.
ولهذا سارعت اميركا بالتدخل المباشر عسكريا بإنزال قوة لتحرير الرهائن، وفي الحقيقة كان الغرض منها إفهام كل هؤلاء انها جاهزة للقضاء عليهم ولو أقتضى الامر عسكريا وقواتها موجودة على الارض وفي عدد من القواعد العراقية. وهذه المرة لن تتهاون في تسليم العراق الى ايران، والتشكيل المحور الرباعي، روسيا، ايران ، سوريا، العراق.
وهكذا وضعت السيد عماد الخرسان ليكون العين الساهرة لتنفيذ خطة اميركية قادمة، خاصة بعد تدخل روسيا المباشر في سوريا ؛
١) تغير الحكومة، والإتيان بوزراء جدد، تكنوقراطيين لا ينتمون الى الاحزاب الاسلامية .
٢) التخلص ( او تحجيم الحكيم ) في حالة إذا ما حاول اثارة أية صعوبات خاصة بعد تصريحه أن على العبادي ان يلتزم بالمحاصصة!!
٣) القوات والطائرات الاميركية ستتدخل في تحرير كل الاراضي العراقية بشكل مباشر ومع قوات الجيش العراقي، ووزير الدفاع الحالي حاز على مقبولية من خلال مهنيته العسكرية. وسنرى في الايام القادمة إحالة عدد كبير من الضباط المحسوبين على معسكر المالكي و الاحزاب الاسلامية الشيعية والسنية .
٤) مع الاقتراب من تحرير الموصل وكل سهل نينوى، سيتم حلٌ الحشد الشعبي، وإلحاق بعض عناصره بالقوات المسلحة واستيعاب البعض الاخر في مصانع ستقام بصورة سريعة من خلال شركات اميركية وبريطانية وفرنسية، وعلى طريقة التنفيذ الكامل، والجاهز للإنتاج.
٥) ستعمل اسرائيل بقوة في تكوين بنية صناعية وزراعية، بالعمل من خلال طرف ثالث وبمعرفة العبادي والحكومة وبتوجيه من الخرسان .
الى الان أبدى العبادي ودائرة مصغرة قريبة منه موافقته على هذه النقاط ( وهي عامة وبدون تفاصيل كاملة، ولكن فيها تعهد كامل بتحرير وطرد داعش نهائيا من العراق ). طالبا حمايته من المحيطين به وهذه احدى المهمات المنوطة بالسيد الخرسان .
خاصة وأن الرئيس القادم لن يكون من الحزب الديمقراطي بل من حزب الجمهوري، حزب السيد عماد الخرسان، وبالمناسبة الرجل رغم انه شيعي ومن مدينة الكوفة ولكنه رجل برغماتي، ولا ينظر للتشيع كهوية له، بل هو أميركي عراقي، والرجل يعمل مع السفارة العراقية مباشرة، بل هو أقوى حتى من السفير الاميركي في الادارة الاميركية لارتباطه با CIA ووزارة الدفاع الاميركية، وهو مقرب من جون بايدن الذي يمسك بالملف العراقي.
وفي النهاية، أقول، أن اميركا تعهدت بشكل واضح بعدم تفتيت العراق، ولن تكون هناك دولة كردية إطلاقا، مع المحافظة على سوريا موحدة، ومنح ضمانات الى السعودية بالدفاع عنها ضد أي حركات انفصالية .