سلّم الرواتب.. خطأ كبير |
في أول قراءتي لسلم الرواتب الجديد ساورني شــك بأنه سلم مفبرك وليس السلم الصادر عن مجلس الوزراء بكون رئيس مجلس الوزراء قد خوّل وفوّض بإجراء الإصلاحات لما فيه خير البلد وأبنائه وكان قد وعد بها واتخذ خطوات بهذا الشأن وكان من ضمنها تشريع قانون سلم رواتب جديد أفضل من السلم النافذ حالياً ، لكن السلم الذي ساورني الشك فيه كان فعلاً هو السلم الجديد والواجب التنفيذ من تاريخ 1/11/2015 ، ربما لي الحق في الشك بالسلم من خلال خبرتي المتواضعة بشؤون الوظيفة والإدارة والأفراد لما وجدت فيه من أخطاء لا يقبل بها المتصدون في هذه الشؤون ، بكون الموظف لا يجوز إنقاص راتبه (كما ورد في السلم للدرجات من السادسة وحتى الأولى) إلا بعد تعرض الموظف لعقوبة إنقاص الراتب والتي جاءت بقانون انضباط موظفي الدولة رقم 14 لسنة 1991 المعدّل ، فكيف بسلم رواتب يأتي فيه المشرع لينقص رواتب كل موظفي الدولة من شاغلي الوظائف في الدرجات المذكورة ، يعني الكادر الوسط والمتقدم بملاك الوظائف العامة خدمة وشهادة ماجستير فما فوق وبحدود مبلغ يتراوح ما بين 30 الى 50 ألـفاً أي (4 – 6) علاوات كان قد حصل عليها الموظف نتيجة خدمة حسنة لسنوات العلاوات المذكورة ، وبهذا الإجراء يكون الموظف قد أعيد الى الخلف بالراتب بعدد هذه السنين ، وهذا لا يجوز قانوناً ولا شرعاً و بأية ذريعة لا يمكن حذف هكذا خدمة ، نعم حذفت من خدمات الموظف عدة سنوات حين أنقص راتبه ، في حالة مشابهة بعض الشيء حين تم التعديل الأول لسلم الرواتب الملحق بقانون رقم 30 لسنة 2003 (بريمر) والنافذ من 1/1/2007 فقد تم فيه حذف الدرجة الأخيرة (11) من السلم وعدّلت الرواتب نحو الأفضل بزيادتها في جميع الدرجات من العاشرة وحتى الدرجة الرابعة عدا الدرجات العليا (الأولى والثانية والثالثة) بقيت بدون زيادة ولا نقصان ونتيجة تعديل السلم كان المشرّع دقيقاً في إنصاف موظفي هذه الدرجة وكي لا يلحق بهم أذى فقد جاء بنص يقول فيه ” إذا ما وقع راتب أي من الموظفين في هذه الدرجات بين حدّي راتب فيعدل الى الراتب الأعلى التالي في درجته ” علماً أن هذا السلم قد تم تعديله لصالح زيادة رواتب كافة الموظفين من شاغلي جميع الدرجات العشرة بموجب القانون رقم 22 لسنة 2008 والنافذ من تاريخ 1/1/2008 وحتى الآن ، من هذا أجد أن على السيد رئيس مجلس الوزراء في أقل تقدير وتجاوباً مع الاعتراضات الكثيرة والتي جاءت نتيجة الأخطاء في هذا السلم والذي كان مفاجأة غير متوقعة أن يلغي السلم ويشكّل لجنة من ذوي الاختصاص في القانون وفي شؤون الوظيفة والأفراد والموارد البشرية لوضع سلم رواتب جديد موافقاً للقانون ولنهج الإصلاحات الذي يسير عليه والذي خولته بها المرجعية والشعب وبرلمانه ولصالح محدودي الدخل ، أما كبار الموظفين الذين أسندت اليهم مناصب قيادية في الدولة والحكومة (حسبما أراه) أن لرئيس مجلس الوزراء الحق قانوناً بتخفيض الرواتب والمخصصات وذلك لافتقار ما يجيز لأية سلطة منح أنفسهم مثل هكذا رواتب ومخصصات ، وحيث أن نظامنا البرلماني من خلال العضوية فيه ومن خلالها يصار الى تسمية رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس مجلس النواب ونوابه ورئيس مجلس الوزراء ونوابه .. وبهذه الحالة فأن رواتبهم يجب أن تكون راتب عضو في المجلس مضافـاً إليها (مخصصات المنصب) وأن لا تزيد عن 50 بالمئة من الراتب ، بكونه عضو مجلس وأسند اليه منصب قيادي في الدولة والحكومة ، ومثل ذلك ينطبق على شاغلي الدرجات العليا والخاصة والمستشارين وما الى ذلك وبخلافه يمكن إعفاؤه وإعادته الى وظيفته السابقة ،
أما بخصوص مخصصات الخدمة الجامعية كونها صادرة بقانون منذ عام 1973 وجرى عليه ثلاثة تعديلات لصالح خدماتهم الجامعية والمخصصات آخرها في عام 2013 ليتناسب والجهد والعطاء والتطور الذاتي والبحوث والحاجة القصوى للأستاذ الجامعي وشريحة الأطباء خوفاً من هجرتهم لخدمة مجتمعات غير مجتمعهم الذي هو بأمس الحاجة اليهم لقاء مغريات كبيرة في الرواتب والسكن ، لهذا ومن أجله كان قد تم منحهم مخصصات وصلت الى 200 بالمئة من الراتب عسى أن تكون مجزية لهم في عطائهم الثر ، وللأسف ما صــدر مؤخراً هو إنقاص مخصصاتهم وإلغاء البعض منها إضافة الى إنقاص رواتبهم في سلم الرواتب كما أشرنا اليه كونهم من شاغلي الدرجات من السادسة فما فوق أي من مدرس الى أستاذ دكتور وأطباء وأطباء اختصاص واستشاريين يعني أن إيذاء هذه الشريحة كان مزدوجاً بالراتب وبالمخصصات ، وفي كل الأحوال الحقوق المكتسبة في موضوعة المخصصات بمرور الزمن على اكتسابها تصبح حقاً لا يمسها تعديل إلا إذا ما توفرت ظروف أفضل تعوضهم عن هذا الحق وهذا ما لم يحصل لا بمستوى المعيشة ولا بتدني مستوى التضخم في الوقت الحاضر ، لذا فأنه يتوجب بقاء المخصصات كما هي عليه وعدم إنقاصها بما يؤذي الشريحة المستفيدة منها، وكذلك في سلم الرواتب يمكن اعتبار ما جاء فيه هو بمثابة أخذ مبالغ بدون وجه حق من موظفين في درجات عليا وإعطائها الى موظفين بدرجات دنيا وهذا مرفوض شرعاً قبل أن يكون مرفوض قانوناً، عموماً أن الإصلاحات يجب أن تطال الكبار وكما أشرنا راتباً ومخصصات وفيه وجهة حق قانونية وشرعية لمنع هدر المال العام بدون وجه حق لإضفاء نوع من العدالة في الرواتب لتحسين الوضع المالي للأفراد ولتمكينهم من العيش من دون عوز. في الختام أأكد أن سلم الرواتب الجديد فيه مخالفة قانونية واضحة ومخالفة شرعية كما أسلفنا ، وإني على ثقة أن السيد رئيس مجلس الوزراء لا ينفر من قراءتنا هذه لموضوعة سلم الرواتب والمخصصات حيث نبغي في ذلك بيان الحق الذي يسعى اليه من خلال إصلاحاته ويأمر بتشكيل لجنة لإعداد سلم بديل مقبول خال من العيوب القانونية يتناسب وإجراء الإصلاحات ليكون جاهزاً للمصادقة عليه وتنفيذه مع بداية السنة المالية في 1/1/2016 وكذا الحال بالنسبة للمخصصات. |