احتجاج اساتذة الجامعات ..... رب ضارة نافعة |
من الادبيات المألوفة في الدول المعاصرة وجود طبقة وسطى تقود المجتمع في مختلف انواع الحراك الاجتماعي ، ولا ريب ان الطبقة الوسطى تعرضت الى ضربة قاصمة والتي ادت الى تلاشي تأثيرها بشكل تام هي سنوات الحصار ابان حكم الطاغية .... الطبقة الوسطى عمودها الفقري وشريحتها الاعلى هو المحيط الاكاديمي المتمثل بالاساتذة الجامعيين ، وهذه الشريحة يكاد فعلها المؤثر والحاسم في الانجلستيا - الشريحة التي تقود المجتمع معرفيا – هو ما يجعلها نوعا ما بعيدة عن مساهمتها الفعالة في الوان الاحتجاج كالتظاهر والاعتصام والاضراب ، ومن هنا كانت التساؤلات عن عدم مشاركة اساتذة الجامعات في التظاهرات السابقة قبل سلم الرواتب غافلة عن هذه الحقيقة ...... ولكن في الجانب الاخر يصح القول ان الانهيار المستشري في الدولة والبلد والذي يستهدف تلاشي العراق وجوديا ، يستلزم من المحيط الاكاديمي بالذات النزول الى الشارع وقيادة الحراك الاجتماعي لاستئصال الفساد والفاسدين ، بل ويوجب عليهم سحب قيادة الحراك الاجتماعي من رجل الدين وشيخ القبيلة باعتبار التجربة والادبيات المتعارفة تفصح بما لايدع مجال للشك ان سبب الانهيار بصورة رئيسية هو غياب الطبقة الوسطى عن قيادة المجتمع وترك هذه القيادة لشيخ القبيلة ورجل الدين ... اليوم وبعد خروج الاساتذة الجامعيين في تظاهرات واحتجاجات على سلم الرواتب يراودنا الامل ان يعيد المحيط الاكاديمي حساباته ويهتم بالشأن العام الذي ادى الى افراز سلم الرواتب وغيرها من المآسي الكبرى والجمة في البلد ، فلا يخفى على احد ان سبب هذه المآسي هي الطبقة السياسية بفسادها وجهلها وتخلفها ، بل وباعتمادها اساليب بشعة ودموية في سبيل سرقة ثروات الشعب التي بلغت وحسب تقرير السفارة الامريكية حوالي 700 مليار دولار ، قد يشكك البعض في التقرير الامريكي لكن الشك سيتلاشى ان اعاد الى ذاكرته كيف كان حال هذه الطبقة السياسية حينما اتت للعراق وكيف اصبحت اليوم ..... من هنا فلعلي اتفائل واشكر السيد العبادي على سلم رواتبه الذي يستبطن في طياته اثارة من اثارة الوعي للاهتمام بالشأن العام عند مختلف الشرائح المكونة للطبقة الوسطى ، ونحمد الله سبحانه على ما استبطن بلاء الاجواء من حر لافح ومطر كاسح بان يستدعي اكثر لاثارة المجتمع والطبقة الوسطى بالذات لكنس الازبال من الساسة الذين جثموا على صدر العراق الحبيب كما جثمت عصابة البعث سابقا ..... واخيرا .... نشير الى غباء مستحكم في استهداف اساتذة الجامعات ، فمن احالة اساطين العلم والمعرفة الى التقاعد ودون الالتفات الى خزينهم المعرفي المتراكم الى تسلط جهلة وفاشلين وفاسدين على قيادة وزارة التعليم العالي ومابينهما من تعليمات تحاول جاهدة في اسقاط الكارزما عن المحيط الاكاديمي ، سيؤدي ذلك بلا شك الى تعجيل سقوط الطبقة السياسية في سلة المهملات وهي المكان الطبيعي للازبال ...
|