شقيقا محافظ البصرة الأسبق يتوقعان اعتقالهما للتغطية على اغتياله

 

 

 

 

 

 

البصرة: د. فوزي العلي..


"عائلة الوائلي تتهم المالكي بقتله وترفع دعوى قضائية ضده "

في تطور مثير في قضية اغتيال محافظ البصرة العراقية الجنوبية الأسبق محمد مصبح الوائلي، اتهمت عائلته رئيس الوزراء نوري المالكي بقتله مؤكدة ضلوع المخابرات الإيرانية بالجريمة أيضًا وقالت إنها رفعت دعوى قضائية ضده لدى قضاء المحافظة مشككة باصدار مذكرة تحقيق أو جلب بحقه.


قال أسعد مصبح الوائلي شقيق محافظ البصرة العراقية الذي اغتيل في 27 من الشهر الماضي خلال اتصال هاتفي مع "إيلاف" إن عائلة المغدور وبعد أن عرفت الجهات المسؤولة عن اغتيال ابنها فإنها تسعى الآن من خلال شهود الحادث إلى التعرف على اسماء المنفذين الذين اطلقوا النار على المغدور والذين قال إنهم ينتمون إلى تشكيل عسكري سري يشرف عليه المالكي.

وأشار إلى أنّه وشقيقه فراس تلقيا تهديدات بالاعتقال نظرًا لاثارتهما هذه القضية ضد المالكي في سابقة هي الاولى في تاريخ العراق الحديث التي تقام فيها دعوى قضائية بالقتل ضد رئيس وزراء عراقي وهو في السلطة. وأكد أسعد أنه وشقيقه تلقيا تهديدات بالسجن في ما اذا لم يعدلا عن رفع الدعوى القضائية مشيرًا إلى امكانية تنفيذ هذا التهديد ليتحول الضحية إلى متهم على حد قوله.

وأكد أنّ المكان الذي اغتيل فيه محافظ البصرة الاسبق محمي من قوات أمنية لكن صدرت لها اوامر بالانسحاب من المنطقة قبيل وقوع الحادث كما تم تعطيل كاميرات المراقبة ايضًا لمدة ساعة قبيل وبعيد وقوع عملية الاغتيال. وكانت وزارة الداخلية العراقية قد نفت ذلك وقالت إن الفقيد هو الذي لم يصطحب معه افراد حمايته الذين يرافقونه عادة وعددهم ثمانية في تلك الليلة التي اغتيل فيها.

عائلة الوائلي تكشف معلومات خطيرة

وخلال مؤتمر صحافي في مدينة البصرة كشفت عائلة الوائلي معلومات خطيرة تتعلق باغتياله مؤكدة  تورط جهاز أمني استخباراتي سري يديره المالكي وباشراف مباشر من إيران في الجريمة.

وقال أسعد وفراس شقيقا الضحية إن عددًا من افراد عائلته وعندما وصلوا إلى مكان الحادث "وجدوا رجال أمن يرتدون الملابس العسكرية الرسمية وقد احاطوا بالمكان ومنعوا الجميع من الوصول إلى المغدور الذي كان لا يزال في سيارته وكان الجميع يسمع انينه وصرخاته بسبب الإصابة، وهو ما يثبت أنه كان حيًا ويمكن انقاذ حياته لو سمح بنقله سريعًا الى المستشفى وتلقيه علاجًا طبيًا عاجلاً، لكن يبدو أن هناك أوامر عليا لهذه القوة الأمنية بعدم نقله من مكان الحادث حتى التأكد من استشهاده، وهو ما حصل فعلا حيث لم يسمح بنقله من مكان الحادث حتى تأكد أحد أفراد هذه القوة العسكرية الغامضة من وفاته".

واوضحا قائلين "كادت أن تقع مواجهة بيننا وبين تلك القوة العسكرية الغامضة، بسبب منعنا من الوصول لأخينا وانقاذه أو نقله الى المستشفى بأسرع وقت، ولكن بعد أن وصلتهم الأوامر من الجهات العليا لهم انسحبوا وتركونا ننقل شقيقنا الى المستشفى بسيارتنا الخاصة ولكن إرادة الله سارعت وانتقلت روح شقيقنا لباريها عز وجل، مع العلم أن المستشفى تبعد عن مكان الحادث عشر دقائق بالسيارة ".

التوجه إلى القضاء

وأشارت العائلة إلى أنّها قامت هذا اليوم بالتوجه إلى القضاء العراقي في محكمة البصرة وسجلت دعوى قضائية رسمية ضد المالكي واثنين من المقربين منه هما عبد الله عويز الجبوري وعصام الأسدي تتهمهم رسميًا باغتيال الفقيد لجلبهم أمام القضاء العراقي للتحقيق معهم على فعلتهم هذه، "رغم أننا نعلم جيدًا أن الدستور والقضاء لا يسريان على نوري المالكي وقيادات حزب الدعوة بقيادته واعوانهم ولكننا اقوى منهم لأننا مع الحق والحق معنا"، كما قالا في بيان تلياه خلال المؤتمر الصحافي وحصلت "ايلاف" على نسخة منه اليوم.    

وأضافا قائلين "نحن أولياء دم الشهيد المظلوم محمد مصبح الوائلي محافظ البصرة الأسبق نعلن للجميع عن الجاني الحقيقي لمقتل شقيقنا بعد أن توفرت الكثير من الأدلة القاطعة التي تثبت بما لا يقبل الشك تورط نوري كامل المالكي رئيس الوزراء وعدد من المقربين منه من قيادات حزب الدعوة الإسلامي وبتمويل من واجهاتهم التجارية عبد الله عويز الجبوري وعصام كريم كزار الأسدي، بعملية اغتيال شقيقنا في السابع والعشرين من أيلول الماضي".

وأضافا أنّ "مقدمات عملية الإغتيال المدبرة والمخطط لها، والتي ضمنها الشهيد في وصيته الشفهية التي أودعها لدينا قبيل استشهاده بأيام وكررها قبل ثلاث ساعات من تنفيذ عملية الاغتيال، تؤكد بما لا يقبل الشك تورط جهاز أمني استخباراتي سري يديره نوري المالكي بمساعدة وأشراف بعض قيادات حزب الدعوة وبتمويل من واجهتهم التجارية عبد الله عويز الجبوري وعصام الأسدي، وباشراف مباشر من إيران وإحدى الدول العظمى التي شاركت في جريمة تدمير العراق وحرقه والاستيلاء على موارده وخيراته، والتي سنكشف عنها في وقت لاحق، ودورها بعملية اغتيال شقيقنا ودعمها لتشكيل جهاز نوري المالكي القمعي".

وقالا "لقد أراد الشهيد الوائلي قبيل اغتياله الآثم، الكشف عن المعلومات الخطيرة التي تحصل عليها، حول هذا الجهاز الإستخباراتي السري، من خلال عقد مؤتمر صحفي يكشف فيه طبيعة عمل الجهاز الأمني والإستخباري في محافظة البصرة والمحافظات العراقية من استهداف للرموز الدينية والوطنية والسياسية العراقية، ودور هذا الجهاز القمعي جمع المعلومات عن كل من يعارض ويعمل لكشف حقائق حزب الدعوة ونوري المالكي ومن بعدها يقرر نوري المالكي تصفيته بعد التداول مع المخابرات الإيرانية وأيضًا قد كشف شقيقنا الشهيد أن جميع الاغتيالات بواسطة الكواتم هو من خلال جهاز نوري المالكي القمعي وترك المالكي عملية الإشراف على هذا الجهاز بعض قيادات حزب الدعوة والتمويل لهذا الجهاز يقع على عاتق وجهتهم التجارية كل من المدعو عبد الله عويز الجبوري وعصام الأسدي".

وأشارا إلى أنّ المغدور كان قبيل اغتياله "يستعد للكشف عن وجود تنظيم سياسي جديد على شكل حزب تابع لحزب الدعوة ومدعوم من دولة اجنبية عظمى لخوض الانتخابات المحلية ولمجلس النواب، باسم (الولاء للبصرة) يمول من قبل عبد الله عويز وعصام الاسدي واللجنة الاقتصادية لحزب الدعوة حيث يقوم الحزب الجديد بالتواصل المباشر مع وجهاء ورؤساء عشائر البصرة والأكاديميين والأطباء ومختلف الشرائح العراقية لشرائهم بمبالغ طائلة، وقد اكتملت لجان شراء أصوات الناخبين مقابل مبلغ (500) دولار أميركي لكل ناخب بعد أن يقسم الناخب بالقرآن بالإدلاء بصوته لصالح قائمة عبد الله عويز وعصام الاسدي أو قائمة دولة القانون بزعامة المالكي وأخذ المستمسكات الرسمية (البطاقة المدنية) من الناخب والاحتفاظ بها لغاية التأكد من تصويته لمرشحي هذا الكيان السياسي المرتبط بنوري المالكي وحزب الدعوة وإيران".

واوضحا أن المغدور كان قبيل اغتياله قد دخل بمشادة كلامية مع "الواجهة الإقتصادية لنوري المالكي، وهو عبد الله عويز الجبوري، حذر فيها الشهيد الوائلي، عويز والمالكي من النتائج الوخيمة لعملية شراء الأصوات ونيته الوقوف بحزم بوجه عملية شراء الأصوات، وأنه ــ محمد الوائلي ــ سيحث كافة الأشخاص المراد شراء أصواتهم على مقاضاته والمالكي في محاكم البصرة ليكونا عبرة لكل من يحاول تزوير الحقائق وكسب أصوات الشعب العراقي بطرق غير شرعية وحذر عويز من الإستمرار بهذه العملية مؤكداً له أنه وجميع اهالي البصرة سيمنعونه من دخول البصرة فقد اصبحت واجهة للظالم وسيفه الذي يضرب به خصومه، وهو أمر لن أسمح لأن يقع في البصرة".

شهود عيان ولجان تحقيق لم تحقق

وقال شقيقا القتيل "لقد علمنا في مكان الحادث من بعض شهود العيان الذين كانوا يقفون بالقرب من الحادث أنهم سمعوا الشهيد وهو يصرخ بأسماء معينة، نعتقد أنهم المتورطون بعملية الاغتيال وقد قامت القوة العسكرية الغامضة بدفع الناس لمكان أبعد لضمان عدم سماع الناس كلام الفقيد حتى وفاته.

وأشارا إلى أنّه بعد عملية الاغتيال "أدعى المالكي أنه قرر تشكيل ثلاث لجان أمنية للتحقيق بالحادث إلا أنه لم تشكل على أرض الواقع أية لجان، فلم نرَ محققًا واحدًا يقوم بالتحقيق بالحادث وكل ما عملته الحكومة ولجانها تلك أنها رفعت الآثار الجرمية والأدلة من مكان الحادث وتحفظت عليها في مكان مجهول وربما أعدمتها لضمان عدم الوصول للفاعل الحقيقي".

وقالا "فاللجان التحقيقية التي أدعى نوري المالكي تشكيلها ــ ونحن متأكدون بأن المالكي لم يشكل أي لجنة للتحقيق بالجريمة ــ لم تقم بأي عمل تحقيقي على أرض الواقع، فهي لم تستفسر وتسأل أولياء الدم عن أعداء المغدور، وهل أوصى بشيء قبل استشهاده تفيدهم بالتحقيق، أو هل وصله تهديد من جهة معينة سياسية أو دولية أو دينية، كما أنها لم تستجوب شهود العيان الذين كانوا بالقرب من مكان الحادث، ولم تلاحق أوصاف السيارة او السيارات التي نفذت عملية الإغتيال، وهناك العديد من شهود العيان الذين شاهدوا تلك السيارات، قد تم تهديدهم وتوعدهم بواسطة مجهولين".

وأضافا قائلين "لم تسأل لجان المالكي التحقيقية عمن اعطى أوامر سحب نقاط التفتيش التي تسيطر على جميع منافذ الشارع الذي وقعت فيه عملية الاغتيال، وعن سبب انسحاب المدرعة العسكرية (الهمر) التي كانت متواجدة قبل الحادث أمام باب جامع السيد حامد السويج، ورجوع نقاط التفتيش بعد الحادث بساعة، مع العلم ان مكان الحادث عبارة عن ثكنة عسكرية مؤمنة ومراقبة بدقة.. ولم تسأل لجان المالكي التحقيقية ــ لو انها شكلت كما يدعي ــ عن الجهات التي قامت بمسح تسجيل كاميرات المراقبة الأمنية في الشوارع التي مر بها قبيل عملية الإغتيال والشارع الذي وقعت فيه عملية الإغتيال. ولم تحقق لجان المالكي التي يدعي تشكيلها بتسجيل كامرات فندق مناوي باشا الذي كان الشهيد متواجداً فيه قبل الحادث بخمس دقائق ولم تحقق لجان المالكي الذي يدعي انه قد شكلها مع العاملين في فندق مناوي باشا والذي كان يرتاده مع مجموعة من اصدقائه يوميا".

وأشارا إلى أنّ "المثير للسخرية سارع مدير شرطة البصرة لتكليف ضابط شرطة من حزب الدعوة في جهاز الاستخبارات لا يفقه شيئا في أصول التحقيق، كانت وظيفته الرئيسية ايهامنا أن هناك إجراءات تحقيقية فعلية على ارض الواقع وقد بدأت هذه الاجراءات بعد مضي تسعة عشر يومًا على الحادث، وبالتالي لم تكن عملية التحقيق التي أجراها الرائد عبد الشهيد، والذي علمنا أنه كان عامل بناء بسيطاً قبل أن يمنح رتبة عسكرية من دون استحقاق لها سوى أنه تابع لحزب الدعوة، سوى محاولة جديدة لتضليل العدالة والتستر على الفاعل الحقيقي لهذه العملية الإجرامية والاستهزاء بدماء الناس" على حد قولهما.

وأضافا أنه "أخذا بكل تلك الشواهد والأدلة، قمنا نحن أولياء دم الشهيد البطل محمد مصبح الوائلي صباح هذا اليوم بالتوجه للقضاء العراقي في محكمة البصرة وتسجيل دعوى قضائية رسمية ضد نوري كامل المالكي وعبد الله عويز الجبوري وعصام الأسدي واتهامهم رسمياً باغتيال شقيقنا، وجلبهم أمام القضاء العراقي للتحقيق معهم على فعلتهم هذه، رغم اننا نعلم جيدًا أن الدستور والقضاء لا يسريان على نوري المالكي وقيادات حزب الدعوة واعوانهم، ولكننا اقوى منهم لاننا مع الحق والحق معنا".

وشدد شقيقا القتيل محافظ البصرة الاسبق بالقول في الختام "أن دم شهيدنا لن يذهب هدرًا وسنبقى كاظمين على جراحنا حتى تتحقق العدالة التي نريدها، ويقبع الظالمون والقتلة في غياهب السجون عقاباً على فعلتهم النكراء والإجرامية التي اقترفوها، أيًا كانوا وأين ما كانوا ولن نتوانى أو نتراجع عن حقنا في مقاضاة المتورطين بدم شقيقنا الشهيد ولن نخرج على طريق تحقيق حلم وامنية شهيدنا السعيد محمد مصبح الوائلي في ترسيخ دعائم الدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات. وليعلم الجميع نحن قوم اذا قلنا نفعل، واذا فعلنا نقول، ونحن لن نستسلم فاما النصر أو الشهادة" بحسب قولهما.

السلطات ترد على الاتهامات

وكان مسلحون قد اغتالوا محافظ البصرة الاسبق المعروف بمواجهته للتدخل الإيراني وللميليشيات المسلحة في المحافظة محمد مصبح الوائلي، حيث امطروه بسبع رصاصات من أسلحة كاتمة للصوت قضت عليه في الحال. والوائلي الذي ينتمي إلى عشيرة نافذة في الجنوب كان قيادياً في حزب الفضيلة الاسلامية في المحافظة وشغل منصب محافظ البصرة بين عامي 2004 و2008. وفور اغتياله وجهت مصادر في المدينة اتهامات إلى ميليشيات موالية لإيران بالمسؤولية عن التخلص منه حيث كان موضوعًا على قائمة للاغتيالات نظراً لوقوفه ضد التدخل الإيراني في شؤون المحافظة المحاذية للحدود الإيرانية ومواجهته لمحاولات تهريب النفط اليها

وشغل الوائلي منصبه في ظروف حساسة كانت تمر بها المحافظة انذاك نتيجة الصراع بين الأحزاب السياسية في البصرة وكذلك ممارسات الميليشيات المسلحة ضد مواطني المحافظة وتدخلها في شؤونها الامنية والادارية. وقد اعتزل العمل السياسي لدى تركه لمنصبه لكن ذلك لم يحل دون الانتقام منه على خلفية مواقفه السياسية التي ادت إلى وضعه على قائمة تضم شخصيات "يجب التخلص منها".

واثر ذلك تم نشر وثائق رسمية تؤكد أن الحكومة العراقية أوعزت إلى الأجهزة الأمنية المعنية برفع الحماية عن الوائلي قبل اغتياله . لكن وزارة الداخلية نفت سحبها أفراد الحماية الخاصة بالوائلي وقال الناطق الرسمي باسمها العقيد سعد معن إبراهيم إن "لا صحة لما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن موضوع قيام وزارة الداخلية في مديرية شرطة محافظة البصرة بسحب أفراد الحماية الخاصة بالمحافظ الأسبق للبصرة محمد مصبح الوائلي الذي اغتيل قبل بضعة أيام".

وأضاف أن "افراد الحماية المخصصة للمحافظ الأسبق موجودون مع المحافظ وعددهم تسعة أشخاص لم يتم سحبهم إلا أن الوائلي لم يصطحبهم معه وكان يقود العجلة بمفرده عندما وقعت عملية الاغتيال".