شدة الاهل على الأبناء للمذاكرة تعطي نتائج عكسية


* كلمات المديح تحفز على الدراسة وتعطي ثمارها على أرض الواقع
* وصف الأطفال بالاغبياء والفاشلين يدفعهم للاقتناع بهذه الصفات
* المشاكل العائلية تسهم في إنخفاض مستوى أبنائهم العلمي

مع بداية كل عام دراسي ، تقوم الاسرة العراقية بتذكير أبنائها بضرورة متابعة دروسهم بشكل يومي من أجل الحصول على النجاح بمعدلات عالية ، كي يكونوا دائماً من الاوائل في مدارسهم ، وبالرغم من أن هذا الكلام ، ربما يكون سهلاً عند القائه من قبل أولياء الامور ، إلا أن الطلبة يعدوه شيئاً مخيفاً وسوف يقلقهم ويثير الرعب في نفوسهم ، وقد يتعدى الى حدوث بعض المشاكل فيما بينهم وبين أهلهم منذ مطلع العام الدراسي وحتى ظهور النتائج .
فهل سيكون متابعة الاهالي مدعاة للتخوف من قبل التلاميذ ؟ ولماذا يعتبرونه أمراً مقلقاً وهم يشاهدون أنفسهم يقومون بواجباتهم على أكمل وجه ؟ وكيف يمكن للاهالي أن يفهموا أن هناك أساليب وطرق من الممكن أن تسهم في نجاح أبنائهم من دون لفت إنتابههم بالمذاكرة بشكل يومي وبصورة مزعجة ؟ .
شريحة من المواطنين ، تحدثوا الى جريدة (( بغداد الاخبارية )) حول هذا الامر .
هدوء ومحبة
قال محمد فارس شاكر ( موظف ) في بداية كل عام دراسي ، أتعامل مع أطفالي بكل هدوء ومحبة ، كي أجنبهم بعض المفاهيم الخاطئة التي يتبعها الكثير من العوائل عن المذاكرة والتفوق والحصول على المعدلات العالية ، فيؤدي الى شعورهم بحالة من الاستياء والخوف من دون مبرر .
وأضاف ، يجب أن نقوم بمساعدهم في إيجاد أفضل السبل الصحيحة والتي تتناسب مع هذا الجيل ، باختلافاته من أجل التخلص من شبح المذاكرة الذي سوف يطاردهم حتى في منامهم بغية تحقيق النجاحات والتفوق الذي يحلم به الاهالي من دون وقوعهم في هاوية التوتر الذي سوف يرافقهم طيلة السنة .
وأشار الى إن كلمات المديح تحفز عملهم وتعطي ثمارها على أرض الواقع ، لان الدعم والتشجيع ركناً رئيسياً في نشأت الاطفال ، والأساس في نمو مواهبهم وقدراتهم العقلية.
كلمات تشجيع
أما هدى عبد الغالب جميل ( موظف ) قالت ، كثير من الامهات لا يتبعن طريق كلمات التشجيع والثناء ، وإنما يتجهن الى كلمات السب والتحقير والتي تؤدي الى فشلهم في الحياة بصورة مستمرة ، لان رغبة الاسر في وجود أبناء أذكياء لديهم ، يجب أن ترافقها بعض الاساليب لاقناعهم شخصياً بحقيقة هذا الأمر .
وحذرت من وصف الأطفال بالاغبياء والفاشلين ، كونهما يدفعهم للاقتناع بها من دون العمل على تخطيها في المستقبل ، بسبب عدم إدراك أولياء الامر قدراتهم العقلية والتحرك ضمن حدودها ، من خلال تمكنهم من الاستيعاب بصورة أسرع أو أبطء من أقرانهم ، بحيث لا يضغط عليهم ، بل الحرص لحصولهم على قدر معقول من الراحة ، في حالة شعورهم بالملل والتذمر.
وتدرك هدى إن أطفالها لا يفرقون بين الحفظ أو الاستيعاب ، كونهم صغار في السن ، ويجب إفهامهم هذا الامر بطريقة سهلة ، لانه يتوقف على نوع المعلومة نفسها ، فكثير من الناس لديهم معتقدات خاطئة في نظرتهم حول المواد العلمية التي يجب أن تعتمد على الفهم ، والأدبية كالتاريخ واللغة العربية تعتمد على الحفظ .
توفير الاجواء المناسبة
أوضح أبراهيم الجواري ( مدير مدرسة ) بقوله ، المسؤولية أولاً تقع على عاتق الجهات المعنية ، حيث يجب أن توفر الاجواء المناسبة للطالب من جميع الجوانب ، كالمناهج الدراسية المناسبة ، لاسيما في مختلف المراحل .
وطالب بضرورة توفير المقاعد الدراسية ، وأعطاء ألاولوية في توفير الابنية المناسبة للطلبة من أجل خلق أجواء ملائمة لعملية مذاكرتهم اليومية .
وشدد على إعطاء صلاحيات كاملة لمدارء المدارس والهيئات التعلمية ، لمحاسبة الطلبة ومتابعتهم باساليب تربوية ملائمة ، لجعلهم يتجهون بكل همة ونشاط لدروسهم من أجل الحصول على أعلى الدرجات .

فهم المناهج الدراسية
بينما يقول هادي محمد داود ( معلم ) أنا أتبع في مهنتي إسلوب فهم المناهج الدراسية ، لانه عنصر أولي ومهم لكافة الطلبة ، إن كانت الدروس علمية أم أدبية ، لاني أحب أن أجعل التلميذ يعتاد عليها منذ بداية سنواته الدراسية ، وأحاول الابتعاد كلياً عن طريقة حفظ المعلومات من دون إستيعابها بصورة كاملة ، كي لا يتعرض الى نسيانها مع مرور الايام .
وأوضح إن عملية تشبيه الحروف بالاشياء المحيط بالطالب تسهم في سهولة حفظ المعلومات التي يتلقاها ، وتلك الوسيلة يمكن الاستعانة بها في جميع السنوات الدراسية، وتساهم في إسترجاعها من العقل بصورة سهلة ويقوم بحفظها بالذاكرة لسنوات طويلة .
وختم حديثه بقوله ، إن المشكلة الطالب في المرحلة الثانوية الذي يجب عليه أن يكون عبقرياً في جميع مواده ، لكي يدخل في أحدى الكليات المتقدمة ، خطأ يقع به جميع العوائل ، فالمطالبة بهذه الطموحات التي ربما لا يمتلكها تؤدي الى عيشه في ضغط نفسي وعصبي ، تؤدي الى فشله بصورة حتمية .
الحرمان من الترفيه
غير إن منى وليد حاتم ( ربة بيت ) قالت ، في كثير من الاحيان أقوم من زوجي بالضغط على أبنائي في المرحلة الثانوية من أجل الحصول على معدلات عالية لدخولهم الى الكليات التي يطمحون اليه ، ولكن وجدنا أن هذا الضغط تحول تدريجياً الى عدم فهم وإستيعاب للمواد الدراسية ، فكان من الاولى أن نكون هادئين معهم ، مهما كانت الضغوط كبيرة وأن نهتم بالتحدث معهم على الدوام بودية يومياً قبل النوم عن أحوال المذاكرة بحيث يجب إختبارهم بصورة لطيفة على سبيل المزاح.
ورجت منى ، الا تحرم العوائل أبنائها الطلاب من الترفيه على أساس الاهتمام بالمذاكرة فقط ، واذا كان لابد منها ، فيجب حرمان باقي العائلة منها أيضاً ، فعملية شعور الطالب بمؤازرة أهله له ، يشعره بالتفوق والحرص على المذاكرة بصورة جيدة ، وإن توبيخه بسبب أو من دون سبب أو تتخلى عنه ، حتى وإن كانت نتائج إختباراته غير مرضية ، لا يساعده على مواصلة نشاطه أو إندفاعه نحو الدراسة كما كان سابقاً .
وشددت على ضرورة إبعاده بصورة جميلة عن مذاكرة الأصدقاء لأنها تقلل فرص التحصيل وجعله يقوم بتقسيم مذاكرته إسبوعياً أو يومياً ، لغرض الالتزام بها ، وإن لم يلتزم لا تلوموه ، بل أطلبوا منه جدولا جديدا أكثر مرونة يراعى تغيرات اليوم ، ليشعر بالمسؤولية من تلقاء نفسه ، لان ترك له الحرية يزيد من شغفه بالدراسة.
عام دراسي عادي
في حين يقول فارس عبد الرحمن خالد ( صاحب محل لبيع المواد الكهربائية ) ، كثير من الاصدقاء كانوا يلمونني على عدم متابعتي لابنائي في المرحلة الثانوية ، لانها حد فاصل بين الدراسة والمستقبل ، ولكني كنت أراها سنة عادية ، كغيرها من السنوات بحيث لا أجعل أبنائي ينظرون لها بحذر وريبة .
وكان فارس يؤكد بأنها سنة دراسية عادية تحتاج للتفوق ليس إلا ، ولا تحتاج الى الشدة وفرض أجواء متوترة في المنزل لهم ، فتأتي النتائج مخيبة لامال الجميع ، مع عدم القيام نهائياً بمدح أصدقائهم على ما يقومون به حتى وإن كان أفضل من أبنائه ، لانها طريقة تؤدي الى فشلهم وكره الدراسة ويمرون بحالة نفسية سيئة تؤثر على حياته ومستقبله لأنه يشعر بالفشل.
وتابع بقوله ، إن ابنائي لهم الحرية في طريقة مذاكرتهم ، فمنهم من يجلس أمام الكتاب وغيره لا يعرف الا وهم يتمشى ذهاباً وأياباً وغيرهم يجب أن يذاكر وهو يسمع بعض الموسيقى ، فالنمط الثابت في المذاكرة لا يفيدهم ، وفرض نوعية عليهم ، لها إنعكاسات سلبية عن أدائهم في الامتحانات .
تطوير المناهج
من جانبه قال مدير إعلام تربية الرصافة الثانية في تصريح صحفي لجريدة (( بغداد الاخبارية )) ، يجب أن نقلص من المنهج ونطوره ونراعي المرحلة العمرية للطالب في وضع المنهج مع وضع مواد تحببه في القراءة .
ودعا الى تنظيم حملة إعلامية بالتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة حول فائدة القراءة ودورها في تطور الأمم وصناعة المستقبل خاصة وأننا نشهد ثورة تكنولوجية لا مجال للجهل فيها مع إعادة الروح الى المكتبة المدرسية وتنشيطها مع تطوير المكتبات في المناطق .
وشدد على ضرورة إعادة طبع الرويات العالمية والعربية التي إنقرضت من الأسواق ، مع إشاعة روح التسامح والسلام ، لأن القلم والبندقية لايجتمعان معاً .

لنا كلمة
إن خلق أجواء خاص بمذاكرة الطلاب ، يساعد على زيادة قدرتهم بصورة كبيرة ، لان تحديد وقت معين لهم تعد طريقة خاطئة ، ولا يمكن أن تأتي بنتائج جيدة ، فاستمرار المذاكرة ومن ثم إعطائهم راحة ، يمكنه من خلالها أن يلعب أو يشاهد فيها التلفاز أو الكمبيوتر ، مسألة مهمة للغاية وتساعده على حب المذاكرة وتعطيه أكثر ثقة بنفسه ويجب الابتعاد عن المشاجرات الأسرية وحالات التصدع والإهمال والنبذ والعنف والإيذاء البدني الذي سيؤثر بشكل كبير على مستوى التحصيل الدراسي لهم ، حتى وإن كانوا أذكياء .