اصلاح الامن بالعراق ضروره وطنية

لا بد من نظره عاجله على الحقبه التي بنيت بها اجهزه الامن بالعراق والظروف المحيطه بها ، من جانب كان هناك اندفاع غير مدروس لإعادة بناء قوات الأمن  في بيئة من العنف المتصاعد، وتحت ضغط القيود التي فرضتها المقاربة الأميريكيه المختلة وظيفياً لبناء المؤسسات والناتجة عن الافتقار إلى المعرفة المحلية ، وسرعة انضمام العناصر إلى هذه المؤسسات ، ومن جانب اخر هناك اجنده حاولت الأحزاب السياسية فرض الأشخاص المرتبطين بها تهدف بكسب الولاءات بالتعيين الاجمالي ممن يواليهم فكريا ، وتاسست القوات على الكم، وليس على النوع ، هذه العوامل مجتمعة جعلت من المؤسسات الأمنية غيركفؤه وصعبة التغيير، القادة العراقيون، من جهتهم، فشلوا في معالجة الفوضى العارمة في القطاع الأمني ، دستور عام 2005 ترك المؤسسات الأمنية دون تعريف وسلطاتها دون تحديد بانتظار تشريع جديد لم يصدر حتى الآن ، وقد تراكمت الاخطاء الإجمالية بغياب الهيكلية المتماسكة التي تستند إلى الولاء للدولة طبقاً لتسلسل قيادي واضح، فلم تنجح اي عملية انتقالية دون اصلاح للامن واول عناصر الاصلاح هو الجهة الاشرافية عليه فلا يمكن لوزارة الداخلية او جهاز الامن الوطني او المخابرات ان تصلح نفسها بنفسها لم يحدث ذلك في اي مكان بالعالم كله ، والاصح تكلف جهات وطنيه ليس لها مصالح سوى المصلحه العليا للوطن باجراء التغييرات.
فالحديث عن إصلاح القطاع الأمني يقتضي النظر إلى العلة، والعلة في فساد الجهاز الأمني، في حقبة ثماني السنوات الماضية تغوّلت السلطة التنفيذية على السلطات الأخرى بغياب الرقابة عليها وبمباركه من رئيس السلطه التنفيذيه السابق ، وبما أن الرقابة هي المهمة الرئيسية التي يمارسها القضاء ومجلس النواب على السلطة التنفيذية، مما نتج أزمة كبيره بالقطاع الأمني ،واصبحت أزمة ديمقراطية وضعف في حكم القانون ، لذلك ولدى الحديث عن الإصلاح الأمني، فمن الضرورة إدراك أن الإصلاح لا يتم إلا في إطار نظام ديمقراطي، فإذا لم تكن هذه الفرضية من ثوابت المعادلة ، فلا فائدة في الحديث عن الإصلاح ، فالدولة السلطوية التي لا يحكمها القانون هي التي تحتاج إلى الإصلاح، وليس نظامها الأمني.
بداية محاولات الاصلاح العراقيه توضحت اتفاقيه اربيل الاولى في 11/11/2010، كما اسهبت اتفافيه اربيل (ورقة اصلاح الملف الأمني) المحور الرابع وفي مايلي نصها حول الاجهزة الامنية وصلاحياتها.
1.     اقرار قانون الاجهزة الامنية الذي يحدد الاجهزة الامنية العاملة ومهام وصلاحية كل جهاز لتحقيق حالة التكامل وتجنب التقاطعات في اختصاصات الاجهزة الامنية.
2.     ضرورة تاهيل الاجهزة الامنية بما يحقق اعلى درجات المهنية.
3.     اخضاع الاجهزة الامنية للمساءلة في مجلس النواب (وفقا للسياقات الدستورية) وسن القوانين اللازمة لفرض اشد العقوبات القانونية بالجهات التي يثبت انها تتخابر لصالح جهات اجنبية.
4.     التحقق مع جميع القيادات والعناصر الامنية التي ترد شكاوى ضدها بارتكاب خروقات لحقوق الانسان وعدم منح الحصانة لاي منها ولاي مبرر كان.
5.     تفعيل دور مجالس المحافظات وفق الدستور وقانون مجالس اجهزة المحافظات بما يضمن تنفيذ قرارات تلك المجالس المتعلقة بالملف الامني.
6.     انشاء مراكز بحثية للاستفادة من المتقاعدين.
7.     ضبط وتعزيز الحدود بالاجهزة الحديثة بما يضمن السيطرة على الحدود.
8.     التشدد مع المتسللين عبر الحدود بصورة غير شرعية.
9.     تشكيل جهاز خاص بالطوارئ لمتابعة حالات الكوارث الوطنية وتقديم الحلول والمعالجات السريعة اللازمة للمناطق المتضررة.
10.      تعزيز دور وصلاحيات جهاز المخابرات الوطني وبناء كوادره بما يلزم متطلبات الامن الوطني للعراق ومكافحة التجسس ومتابعة النشاط الاستخباري الامني على الاراضي العراقية وسن القوانين الفعالة بهذا الشان.
اجتمعت اللجنة العليا لمتابعة وتنفيذ الموافق 8/2/2011 اتفاقيه اربيل الثانيه ، واتفق قادة «القمة المصغرة في اربيل» المنعقد في 28/4/2012 على الخروج بتفاهمات ونقاط لحل الازمة السياسية الحالية تحت تسمية «اتفاقية اربيل الثانية»، واعقبها احداث سياسيه بتفرد المالكي بالسلطه ، ونسفت كل بنود الاتفاقيه واصبحت (حبرا على ورق ) وبدات تتراكم المعضلات ولم تجد طريقا حتى للتهامس بها حيث طغت على موسسات الامن ( الشلليه والمناطقيه والعائليه والولاء للاحزاب ) واصبحت بيد (القائد والاوحد وثله من اصحابة تدار بطريقه خارج سياق العصر وخارج اي تقاليد لدوله ) واخذ العراق يعج بالأجهزة الأمنية والاستخبارية السرية والعلنية بدون قوانين ، لقد شكلت ظاهرة تعدد الأجهزة وعدم وضوح صلاحيات كلا منها وغياب قيادة مؤسساتية تشكل مرجعية لها بالترافق مع غياب قانون واضح منظم لإعمالها واستمرار بقاء نفس الأشخاص على قمة هرم كل منها، كل ذلك ساهم في تحويل هذه الأجهزة إلى إقطاعيات لمسؤوليها ومركز نفوذ لقادتها، حيث لم يعد واضحا دورها ومبرر وجودها أمام عدد واسع من المواطنين مما افقدها مصداقيتها على ضوء هذه الحقيقة وهدد السلم الاهلي بالعراق الذي انفرط عقده نتيجه لسلوكيات رجالات المالكي الذين اختارهم للمناصب  ، والتي سخرها لتصفية خصومه ،
هذه الاسباب افرزت تقصيرا باداء العمل نتيجة:
1.      التداخل في الصلاحيّات بين الأجهزة الأمنيّة وإن إزالته تقتضي تعديلات في القوانين التي أنشأتها.
2.     إنعكاس السياسة على الأجهزة الأمنيّة، بحيث بات الأمن عمليّاً وليس قانونيّاً مرتبطاً فيها وحلّ هذه المشكلة سياسياً وليس أمنيّاً ، إذ يجب الكفّ عن الإستمرار في تقاسم المواقع والمراكز الأمنيّة ، فالعناصر التي تقرّر في السياسة هي المصالح لا بناء وطن.
هناك اعداء الاصلاح وانصار للتغطية على المشكلات ودفنها (جوى الفراش ) ( والتي ما تلبث ان تثور على الجالسين فوق طاولاتهم)، ومن خلال العرض التاريخي للبناء اجهزه الامن ، فإنني أعتقد أن هناك ثلاثة محاور تتخلل بحث الإصلاح الأمني:
الأول: هو إذا ما كانت السلطة التنفيذية قابلة للمحاسبة والمساءلة، وحاليا نتيجه الحراك الشعبي والضغط الجماهيري جعلها تحت المحاسبة.
والثاني: إذا ما كان القضاء مستقلاً وقادراً على بسط رقابته الدستورية.
 والثالث: هو معرفة إذا ما كانت السلطة التشريعية قادرة على ممارسة رقابتها على السلطة التنفيذية فاختلال العلاقة فيما بين سلطات الدولة واستئثار السلطة التنفيذية بالحكم وتغوّلها على القضاء والبرلمان هو أساس معظم الاختلالات والأزمات.
وهذا يتطلب إعادة هيكلة وتوضيح الإطار القانوني المنظم لعملها والشكل المؤسسي المناسب لها وبناء العقيدة الأمنية على أساس دور الأجهزة الأمنية في الدفاع عن الوطن والمواطن من الارهاب وحماية المواطن من التعديات على حرياته .