الواقع المالي الحرج ... وتردّد الحكومة باتخاذ الحلول السريعة |
في البلدان ألتي تنعم باستقرار سياسي وإزدهار إقتصادي / ذات الدخل القومي المتعدد المصادر/، نَرصُد ظاهرة إجتماعية تتعلق بسلوكية الكثير من أفراد المجتمع في مجال الانفاق المالي، إذ يجنح الكثير من الذين يتمتعون بعوائد مالية تفوق حاجاتهم الحياتية الأساسية إلى تجديد مقتنياتهم الخاصة القديمة بأخرى جديدة كآثاث المنزل والأجهزة الكهربائية وحتى تبديل السيارات بموديلات أحدث، ناهيك عن إقتناء الملابس الموديرن. وحينما يحدث إنكماش إقتصادي نتيجة عوامل متعددة خارجية وداخلية، تنحسر تلك الظاهرة بصورة محسوسة. في الواقع العراقي، لم تتأثر تلك الظاهرة "الانفاق الاستهلاكي" للشريحة الرئيسية من السكان ألتي تعتمد بمداخيلها على الدولة (4 ملايين منتسب + 2 مليون متقاعد) بشحة الموارد المالية للدولة نتيجة هبوط أسعار النفط، وهكذا ثقافة هي ليست وليدة اليوم، وما خروج الأعداد الغفيرة من منتسبي الدولة بمظاهرات إحتجاجية إلاّ دلالة على عدم إستيعابهم لخطورة الانهيار المالي، متذرّعين بأنّهم يتقاضون رواتبهم بناءً على قانون قد شُـرِّع سابقاً.... القوانين هي ليست كتاب سماوي، وحينما يُشـرَّع قانون غير عادل، يجب إلغاؤه ليحل محله قانون أكثر إنصافاً وعدالة في سلّم الرواتب والأجور... نعم نتفق مع المتظاهرين باحتجاجهم على عدم ملاحقة رؤوس الفساد من الحيتان، لكون هؤلاء يتمتعون بسلطات تنفيذية ضاربين بها عرض الحائط سلطة القانون، وعليه يجب أن تجري، بالتوازي، عملية تشريع قانون الرواتب الجديد مع ملاحقة خارقي القانون من المفسدين وسارقي المال العام. |