مصر لا تقبل العِوج ولا الفساد |
قد يرغب ويتمنى كل إنسان أن يأتي اليوم الذي تحل فيه المشاكل وينتهي العوج والفساد بين الناس والجماعات والدول أيضاً. .. فلو أراد أي غريب عن مصر أن يكون لنفسه فكرة عن الماضي والحاضر، ويريد الحضارة والتاريخ والرقي فأول مكان يخطر له وعلى باله ويقصده هو مصر، لأنها عاشت من الأحداث التاريخية والحضارية ما يقرب من آلاف السنين، فإن لمصر جاذبية خاصة وسحر خيالي بديع، فهي بناء صرح للشريعة والثقافة والحضارة الإسلامية وهذا كله مشهور ذائع لا يحتاج إلى توضيح أو بيان. عادة ما يرمي الإنسان في هذه الدنيا إلى غرض واحد وهو عمل الخير وترك العوج والفساد، على أن عمل الخير دائماً هو الذي يوصل إلى الغاية الثمينة، فيجب على الإنسان أن يتحمل المسئولية أمام الله وضميره، فإذا لم يصل إليها وقع في التوبيخ إذا كانت أعماله سيئة ورديئة، وبالعكس له أن يفتخر بنفسه ويهنئها إذا ما فعلت أفعالاً طيبة من شأنها إنها توصله إلى عمل الخير. فنحن من داخلنا يوجد قانون داخلي نسميه الضمير وهو الذي يوجه أعمالنا حينما يريد وكيفما يرغب، فمثلاً قبل أن تقوم بتنفيذ عمل ما من الأعمال تجول في النفس أشياء كثيرة، فيشعر الإنسان بأنه في إمكانه أن يسلك في هذا الأمر مسالك شتى غير إنه يتردد في سلوك أي واحد منها. فهذا هو ما نسميه الضمير. فكثير من المفسدين والمعوجين الذين يأكلون أموال الناس سحتاً وضعف إخلاصهم فهم قلة لا يعرفون الله أو إلى سواء الظن به، وأنفسهم مملوءة بالسفاهة والتطاول والحقد. وهذا كله له آثار عميقة في توجيه السلوك الإنساني يمينه ويساره، فهو إنسان مصاب بعقدة وكنز المال، فهو يحيا إلاّ ذنباً وهذه كلها علل فعّالة، وقد تكون السبب في انهيار فئات من الشعب، بل الأمم وفناء الحضارات، فالإنسان بفطرته يعرف الحقيقة، فالحلال بين والحرام بين. إذاً لا شيء في الدنيا أكره وأسوأ من الفساد والعوج، لأن هذا يحط من مرتبة الإنسان ويقربه من البهيمية فتجفف القلوب وتجعلها قاسية وتغرق أصحابها تحت أمواج الشغف وتموت تحت رق الحواس، ويأخذ العقل في التناقص رويداً رويداً إلى أن يتلاشى، فما أتعس هؤلاء المفسدين في الأرض. إن الشعب المصري اليوم هو في حاجة ماسة إلى يد حانية تمسح آلامه، وتذهب همومه، وتفرج كروباته وتنفس عنه، وتعيد فيه الروح لاستلام مفاتيح الريادة والسيادة، وليس أحد أحق بهذا إلاّ الرئيس ومن معه من العاملين الصالحين المخلصين، على أن يعملوا بالحكمة والموعظة الحسنة، والحوار اللين الرفيق، وتلمس أوضاع ومشاكل الشعب وخصوصاً المفسدين والمعوجين في البلد، فهناك فرصة عظيمة لكل المخلصين في البلد عليهم بالإنطلاقة الجادة لإصلاح المفسدين من القلة الموجودة بين الناس في المؤسسات والدوائر، على كل مسؤول وأصحاب إتخاذ القرار أن يتقوا الله تعالى في شعب مصر العظيم، وعليهم إعادة النظر في كل تصرفاتهم، وأن يكونوا متأهبين لحمل المسؤولية الجسيمة التي تقع عليهم وعلى عاتقهم، وأن تحاول جاهدة أن تعيد للشعب الثقة في أنفسهم وبلادهم، وأصحاب المناصب والأعمال فيها وكل هذا وذاك ليس بالأمر المستحيل، فيقول الله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض). إن احترام حياة الآخرين أو الغير وعدم إرهاق أرواحهم هو واجب ديني ووطني، بديهي أن يتحتم علينا أداؤه. وأتذكر مقولة لسقراط حينما قال لأحد أصحابه: إذا اشتغل الإنسان، فإنه يبذل مجهوداً ونشاطاً لا يستهان به، وأن السعادة لتمتد قوتها دائماً من النشاط، كما أن السرور ثمرة المجهود والعمل. فالإخلاص هو فريضة على كل إنسان شريف، وهو في محرابه الخاص به يتعامل الإنسان مع ربه فحسب، واتساع نطاق العمل والمعاملة مع أحوال الناس وتخليص معاملاتهم ورضاهم فهو واجب ديني ووطني. |