أمريكا وحلفاؤها وسياسة الكيل بمكيالين

 

سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون ليست جديدة فهي قديمة قدم المصالح الأمريكية والغربية في العالم وأغلب المتابعين يتذكرون الحرب الأمريكية القذرة في فيتنام التي استخدمت أمريكا فيها كل الأسلحة المحرمة دولياٌ لقتل الشعب الفيتنامي وتحرق مدنه ومزارعه وشعبه باستخدام النابالم الحارق والأسلحة الكيمياوية الأخرى وبالمقابل بررت غزوها للعراق لامتلاكه أسلحة كيماوية محرمة   وسكتت على إسرائيل ربيبتها التي تمتلك أسلحة كيمياوية وأسلحة نووية في حين أقامت أمريكا والغرب العالم على إيران ومشاريعها النووية التي لم تصل بعد الى امتلاك السلاح النووي ولم تقعده إلا بعد توقيع إيران على الاتفاق النووي معها ومع الغرب حماية لإسرائيل من أي خطر نووي محتمل لكن الجديد في سياسة الكيل بمكيالين اليوم هي إن أغلب الدول العربية وخصوصاٌ الخليجية منها السائرة في المسار الأمريكي اتخذت من هذه السياسة منهجاٌ لها   فعندما شنت أمريكا عدوانها على العراق عام 2003 وأسقطت النظام فيه دون تفويض من الأمم المتحدة ساعدت كل الدول الخليجية أمريكا في عدوانها هذا وفتحت أجواءها وأراضيها وبحارها للقوات العازية لتقتل أشقاءهم العراقيين  كما ساعدت وشاركت الدول الخليجية في إسقاط نظام القذافي في ليبيا لان الشعب الليبي خرج في تظاهرات يطالب بالإصلاح وساعدت المتطرفين والإرهابيين في سوريا في حربهم القذرة التي دمرت الشعب السوري واستنزفت طاقاته العسكرية والاقتصادية والبشرية ولنفس الذريعة   في حين هبت كل الدول الخليجية ومن خلفها أمريكا والغرب ضد إرادة الشعب البحريني المطالب بالإصلاحات أسوة بالشعوب العربية الأخرى ووقفت مع العائلة والأقلية الحاكمة في البحرين بل أرسلت قواتها الى هناك لحماية نظام الحكم هناك في ازدواجية غريبة وكيل بمكيالين  كما تشن هذه الدول الخليجية حرباٌ شعواء في اليمن دمرت كل المدن اليمنية وقتلت عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء في قصف طائراتها الهمجي وشردت الشعب اليمني وجوعته ومزقت نسيجه المجتمعي لأنه طالب بإصلاحات سياسية كغيره من شعوب  المنطقة وفق نظرية الربيع العربي التي استحدثتها أمريكا والغرب وعملاؤها لا للحصول على الحربة والديمقراطية لكن لتمزيق وتفريق الشعوب والدول العربية الى طوائف تتقاتل بينها كما هو الحال في العراق وسوريا وليبيا واليمن ضماناٌ لأمن إسرائيل فلماذا تعتبر مطالبة بعض الجماعات المتطرفة المدعومة غربياٌ وخليجياٌ بربيع عربي يهدف الى تحقيق الديمقراطية والحرية في حين مطالبة الشعب البحريني  والشعب اليمني بنفس الحقوق  خروج عن الشرعية يجب التصدي لها بقوة السلاح أية ازدواجية هذه وأي كيل بمكيالين ؟ والحال نفسه ينطبق على سوريا فحين تدافع القوات المسلحة والشعب السوري عن بلدها لمنع المتطرفين والإرهابيين من تدميره وتفريق شعبه الى طوائف كما حصل في العراق وليبيا تصطف الدول العربية الخليجية خلف أمريكا والغرب في مؤامرته الكبرى لتدمير آخر معاقل القومية العربية وأقوى قوة يمكنها أن تواجه خطر الكيان الصهيوني الجيش العربي السوري  معتبرةٌ دفاعه عن الشرعية والسيادة والتدخل الأجنبي السافر في شؤونه وحماية شعبه من الإرهابيين والمرتزقة الذين تدفع الدول الخليجية رواتبهم وتزودهم بالسلاح والمال ليقتلوا أبناء الشعب السوري ويدمروا مدنه وبناه التحتية ويأججوا الطائفية جرائم يرتكبها النظام السوري ولا تعتبر جرائم المتطرفين والإرهابيين في قتل الشعب السوري وقصف المدن السورية وتفجير العجلات المفخخة وسط المدنيين وتدمير وسرقة المدن الأثرية وسرقة النفط ليست جرائم في نظر الأنظمة العربية السائرة وفق النهج الأمريكي الصهيوني أليست هذه هي سياسة الكيل بمكيالين ؟ فأي عاقل يمكن أن يصدق هؤلاء المعتوهين والمنحرفين والعملاء والخونة في ممارساتهم القذرة هذه وأي ازدواجية في المعايير هذه. وحين قصفت الطائرات الروسية وبطلب من الحكومة السورية معاقل المتطرفين الدواعش في سوريا انبرت أمريكا وخلفها دول الخليج في مقدمتها السعودية دفاعاٌ عن مرتزقتهم الدواعش وغيرهم وصورت للعالم إن القصف طال المدنيين السوريين وليس الإرهابيين وأسلحتهم ومقراتهم داخل المدن السورية وهي في كل يوم تقتل مئات المدنيين السوريين واليمنيين دون رحمة فأي ازدواجية هذه ولماذا لا ترعوي هذه الأنظمة  وتكف عن السير في ركاب الأمريكان وتنفيذ مؤامراتهم ضد أبناء جلدتهم العرب وتترك اليمن وسوريا الى شعوبها لتقرر هي نوع الحكم والنظام الذي تريده لا أن يملى عليها من قبل أمريكا كما حدث في العراق وليبيا اللذين دمرهما الغزو الأجنبي و الصراع الطائفي والإرهاب الممنهج والفساد والسرقات وسوء الإدارة وسوء الخدمات ويريدون تنفيذ ذلك في سوريا واليمن وحتى مصر   ولماذا لا تستغل الدول الخليجية أموالها في المشاريع العمرانية والعلمية ومساعدة الدول العربية المحتاجة ومكافحة الفقر في العالم أو المساعدة في الأبحاث العلمية والطبية لتطوير علاجات للأمراض المستعصية كالسرطان والايدز التي تحتاج الى تمويل مالي كبير بدلاٌ من إنفاق مليارات الدولارات شهرياٌ لشراء الأسلحة والمعدات الأمريكية ليقتل بها الإرهابيون والمتطرفون أخوانهم العرب في سوريا واليمن وليبيا ومصر  ولماذا لا تساعد المهاجرين العرب الذين دفعتهم الحروب الممولة بالأموال الخليجية للهجرة من بلدانهم وإقامة مدن لاستيعاب الآلاف من هؤلاء المهجرين والفارين من جحيم الحروب على أراضيها وتقديم الخدمات لهم كما تفعل الدول الأجنبية والكف عن الازدواجية والكيل بمكيالين إزاء القضايا العربية والكف عن التبعية لأمريكا والغرب .