الخروج عن طاعة الصدر المقدس ... كيف وأين ومتى ؟ الحلقة الثالثة .. بقلم الشيخ احمد الشيباني


العراق تايمز: كتب الشيخ احمد الشيباني..

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية اريد التنويه الى مسألة مهمة وهي اني في كتاباتي هذه أريد أن أبين للأخوة المؤمنين الحكم الشرعي الصحيح للتقليد، ابتداءا وبقاءا، كما أريد أن أبين لهم الحكم الشرعي الصحيح لتقليد السيد الشهيد الصدر (اعلى الله مقامه) ابتداءا وبقاءا، وأن لا تزل قدمهم في ذلك، فيكون السيد الشهيد أول من يعاتبهم ويسائلهم يوم القيامة. لأننا نعلم أنه (قدس) حارب العاطفة والأهواء والتسامح بالتقليد. فلا نكون - بعد رحيله - اول من يخالفه في ذلك.


قلنا في حلقة سابقة ان الاحكام التي يصدرها الفقيه على انواع اربعة منها الفتاوى الثابتة في الرسالة العملية ومنها الحكم القضائي ومنها الحكم الولائي ومنها الاحكام المتغيرة التابعة لظروفها.


وقلنا ان الاختلاف انما يقع في القسم الرابع لأنه إنما يفتي به الفقيه تبعا للظروف المحيطة التي يقدرها الفقيه الاعلى للأمة باعتباره ابا وقائدا وزعيما لها.


((الوصية)):::
كتبت في وقت سابق عن ما يعرف بـ (وصية السيد الشهيد بالتقليد من بعده) وقلت أنها ليست وصية ولا يصح ان نسميها وصية، لأن الوصية الشرعية والمعروفة في كتب الفقه لا تشملها. بل لا يحق للفقيه ان يوصي مقلديه بشيء إلزامي، بل يكتفي ببيان فتواه لما بعد موته، ثم يتحول الامر الى الحي الاعلم الجامع للشرائط.


وبعبارة أوضح: لو أوصى المرجع مقلديه بتقليد (زيد) من الفقهاء، فإن هذه الوصية ليست واجبة التطبيق، وإنما الواجب على الملكلف أن يبحث عن الاعلم ويقلده. نعم يكون كلام المرجع من باب النصيحة والارشاد والتنبيه لا اكثر من ذلك. أو يمكن اعتباره شهادة منفردة بأعلمية فلان.


ومن هنا فإن على المقلد ان ينظر الى الحي الاعلم الجامع للشرائط ويقلده، وذلك باتباع الطرق الشرعية المسطورة في الرسالة العملية. لأن السيد الشهيد الصدر (اعلى الله مقامه) كان قد (أوصى) بعدة أمور وارشادات من بعده، نذكر أهمها:


اولا: أوصى الى سماحة السيد كاظم الحائري بأنه مرجع التقليد.


ثانيا : أوصى الى سماحة الشيخ الفياض بأنه قيادة لا تمثل التقليد وينبغي الالتفاف حوله حتى لو رفض ذلك.
وجمعهما بعبارة (تقلدون شخصا وتأتمرون بشخص آخر) ولم يذكر غيرهما.


ثالثا: أوصى الى سماحة الشيخ اليعقوبي بأنه هو الذي ينبغي أن يمسك الحوزة من بعده.


ومن هنا اختلف المقلدون في فهم هذه الارشادات، فمنهم من قلد سماحة السيد الحائري ورجع في قيادته الى سماحة الشيخ الفياض وحجته في ذلك انه يتبع الوصية وهي واجبة في نظره.


ومنهم من يتبع سماحة الشيخ اليعقوبي قيادة وتقليدا وحجته في ذلك انه يتبع الوصية ايضا.


ومنهم من لم يقلد لا هذا ولا ذاك ولم يتبع أيا منهم، بل رجع الى الرسالة العملية واتبع الخطوات الشرعية في التقليد، ومنها البحث والسؤال عن الاعلم ثم تقليده.


ومنهم من بقي متخبطا متذبذبا تعصف به الأهواء والميول فينتقل من تقليد لأخر ومن قيادة لأخرى.


واعتقد ان الكل وقعوا في اشتباه ان كلام السيد الشهيد (وصية واجبة التنفيذ) ولا تجوز مخالفتها. والغريب ان هذا الرأي يسمعونه من المعممين وانصاف المتعلمين مع الاسف.


نعم، يبقى شيء واحد مهم وهو إمكان أخذ قول السيد الشهيد الارشادي على أنه خبر ثقة وشهادة أهل الخبرة المفيدة للاطمئننان، وهذا جيد ومفيد، ومن أحق بالسيد الشهيد من ذلك؟


الا أن ذلك يصطدم بعقبة تقادم الزمان، فإن شهادة السيد الشهيد وإن كانت تفيد الاطمئنان بأعلمية السيد الحائري، وأهلية الشيخ الفياض للقيادة، وأهلية الشيخ اليعقوبي لمسك الحوزة وأنه اعلم طلابه إلا أنها شهادة قديمة، قد مضى عليها أكثر من 15 سنة، وهي مدة كافية في تبدل الاشخاص والطباع والعلوم.


نعم، لو بحث الملكف بحثا علميا ووجد أن السيد الحائري لازال هو الاعلم، أو أن الشيخ الفياض لا زال هو المؤهل للقيادة أو التقليد والقيادة، أو أن الشيخ اليعقوبي لا زال هو المرهل لمسك الحوزة او هو أعلم طلابه فلا اشكال في اتباع ذلك، وأما لو بحث المكلف ووجد خلاف ذلك، فاللازم عليه اتباع ما وصل اليه.


ملاحظة: الرجاء من الاخوة الذين وصلوا الى مرحلة (حق اليقين وبرد اليقين وعلم اليقين) في التقليد والقيادة أن لا يعلقوا وأن يتركوا المجال الى من لم يصل الى هذه المرحلة رجاءا رجاءا رجاءا.
وللحديث بقية.