تبرئة ام تهمة

قول جورج بوش الأب إن جورج الابن لم يكن مسؤولاً عن تهور إدارته في الشرق الأوسط٬ وإنما تصرف بتأثير من نائبه ديك تشيني٬ ووزير دفاعه دونالد رامسفيلد. ويضيف أن تشيني «رجل خطر». لا جديد في الأمر. هذه الانطباعات تحدث عنها العالم مئات المرات منذ أن كان الابن لا يزال رئيًسا٬ يوزع الأخطاء والهفوات والسذاجات يميًنا ويساًرا. الجديد الوحيد هو القائل. ولكن أليس هذا الدفاع عن الابن ركيًكا؟ انتخب الأميركيون الابن لكي يكون رئيًسا لهم. ومنحوه الثقة بأنه سوف يعرف كيف يختار إدارته ومساعديه ومستشاريه. وسوف يعرف٬ فوق ذلك٬ متى أشاروا عليه بالمنطق ومتى أشاروا باحتلال العراق والذهاب إلى أفغانستان مرة واحدة. وسوف يعرف أن الذين أبلغوه بأن بغداد تمتلك أسلحة نووية كاذبون. بصرف النظر٬ من يرتكب الخطأ٬ في دولة أو مؤسسة أو جيش أو شركة أغذية٬ المسؤول هو الرئيس. لا يستطيع الرئيس القول إنه لم يعرف٬ أو إنه لم يطلع٬ أو إنه أساء قراءة التقارير التيُرفعت إليه. إن دفاع جورج بوش الأب عن جورج بوش الابن٬ هو مسألة بيتية٬ يستطيع أن يقوله خلال مأدبة عشاء لأصدقائه. لكن جورج بوش المواطن ليس مسموًحا له إطلاًقا القول إن الرجل الذي انتخبه رئيًسا لم يكن يدرك مدى خطورة ديك تشيني ورعونة دونالد رامسفيلد. هذه تهمة للرئيس٬ لا للمذكورين. وهذا كلام يستدعي محاكمة الثلاثة٬ وليس الحديث عنه في مذكرات شخصية. لقد كلفت سياسة الابن الخزانة الأميركية أكثر من تريليون دولار٬ وزعزعت خريطة الشرق الأوسط٬ وأدت إلى مقتل وتشريد وتفقير ملايين العراقيين٬ كما ساهمت٬ كما قال توني بلير٬ في قيام «داعش». هل ينتهي كل ذلك بفقرة في مذكرات؟ التوقيت كان سيًئا أيًضا. لن يفرح جيب بوش بهذه الهدية في هذا الوقت٬ رغم أنه مرشح باهت في أي حال. وكلما أخطأ الجمهوريون ازداد الديمقراطيون فرًحا. وما بين رعونات جورج دبليو والسرعة الإملائية التي يتصرف بها باراك أوباما٬ قد تفتح أبواب الرئاسة أمام سيدة شجاعة مثابرة لم تكف عن منازلة الرجال٬ في الكونغرس وفي الإدارة. وقد يبدو الأمر آنذاك٬ صراًعا بين عائلتين٬ بوش وكلينتون٬ لكن هذه حال الأنظمة الديمقراطية. وكان محمد الماغوط يقول: إن أسوأ ديمقراطية في العالم٬ أفضل من أحسن ديكتاتور.