أين الإعلام من جائزة الإبداع ؟ |
من المفيد جداً تخصيص جائزة للأبداع والمبدعين خاصة عندما ياتي ذلك من وزارة مختصة بالابداع، وراعية له وشغلها واهتمامها ينصب عليه بموجب مؤسسات وتشكيلات عديدة مرتبطة بها . الوزارة اعلنت عن الترشيحات الخاصة بجائزة الابداع في دورتها الاولى لعام 2015 وهي في مجالات السرد، والنقد الادبي التطبيقي، والمسرح – الاخراج المسرحي حصراً، والفن التشكيلي – الرسم حصراً، العلوم الانسانية – علم الاجتماع حصرا دون العلوم الاخرى، واذا كانت الجوائز الخمس المخصصة للمجالات المذكورة تغطي جانبا من الابداع الادبي والفني، فان هناك مجالات اخرى استثنتها الوزارة، مع اهميتها وتأثيرها وعدد العاملين فيها، ألا وهي الفنون السينمائية، والاعلام، والموسيقى، والترجمة، فهذه مجالات مستقلة لا يمكن ادراجها ضمن المجالات المذكورة، فالسينما ليست من المسرح ولا من التشكيل، والموسيقى ليست ادبا ولا سردا، فكيف سينظر اليها في دورات الجائزة المقبلة .. والاعلام لم يعد من العلوم الانسانية فحسب، بل اصبح علماً وفنا وتخصصا يدخل في جميع المجالات، اضافة الى التطور الحاصل باستخدام التكنلوجيا الحديثة في الانتاج والاتصالات، وجائزة الابداع في الاعلام التي اغفلتها وزارة الثقافة انما حجبت تلك الجائزة عن الاعلام المرئي والمقروء والمسموع وفي كل فن من هذه الفنون ابداع وتطور ورسائل فكرية جديدة. اما الترجمة فهي فن التواصل مع الاخر والالية المثلى لحوار الحضارات .
نحن هنا لا نقلل من قيمة الجائزة معنويا كون قيمتها المادية كبيرة جدا كجائزة عراقية حيث تبلغ حسب ما اشارت المعلومات خمسة الاف دولار، بل نعتب على وزارة الثقافة بنسيان شقيقتها حيث كانت في يوم ما تُدعى “الثقافة والاعلام” فلماذا هذا التنصل من الاخوة.. وهل ان الاعلام في نظر الثقافة علم وفن طارئ لا يرقي العمل فيه الى الابداع؟..
هل هذا هو راي اللجنة المركزية التي اعلنت عن الجائزة في مؤتمر صحفي ام رأي الوزارة أُمليَ على اللجنة ؟..
ونعود الى الجائزة فهي في حقيقة الامر محاولة لتقييم العطاءات العراقية الجيدة وهي خطوة مهمة لتعزيز الكثير من القيم والمعايير واستبعاد المحاباة والعلاقات في منحها، يرى بيتر ورسلي في كتابه العوالم الثلاثة – الثقافة والتنمية العالمية الذي صدر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد عام 1987 وهي احدى مؤسسات الوزارة التي اطلقت الجائزة، يقول ورسلي : ان مفهوم الثقافة قد أهمل عمليا من قبل علماء الاجتماع الذين يختزلون دراسة المجتمع الى الاقتصاد السياسي، او دراسة البناء الاجتماعي، ثم يقول : انتقلت فكرة الثقافة الثانوية من هذه المساهمات فقط الى الاستعمال العام . فالثقافة بالنسبة لمعظم الناس لا زالت تعني ” الفنون الجميلة” .. ويبدو ان وزارة الثقافة تنظر الى الموضوع من هذه الزاوية، رغم ان الجائزة “بصيص امل ونور خافت يضيء في الغيمة الظلماء”، لذلك فان على المؤسسات الثقافية ايلاء جائزة الابداع العراقي أهمية حقيقية وتنويعها لتكون جائزة ذات هيبة ورصانة، وليتقدم للترشيح اليها كل المبدعين العراقيين في داخل العراق وخارجه. وفي الوقت الذي نأمل فيه ان لا تسيس “الجائزة العراقية” او تدخل حيز المحاصصة شأنها شأن الامور الاخرى، لتكون جائزة السرد للشيعة، وجائزة النقد للسنة، وجائزة التشكيل للتركمان، وجائزة المسرح للكرد، اما جائزة العلوم الانسانية فهي من نصيب عراقيي الخارج، كما هو الحال في جائزة نوبل حيث يؤشر ازاءها الكثير من التحفظات من قبل عدد لا يستهان به من المهتمين والناشطين لا سيما حين يكون منحها خاضعا لاشتراطات خارجية سياسية في الغالب ..
واخيرا فان جميع الدول تمتلك نوعا من التقاليد الاجتماعية المتعلقة بدعم واسناد الثقافة والتجارب الرائدة في مجالات الاداب والفنون والفكر ومختلف الثقافات والاعلام، وذلك بتخصيص جوائز سنوية تمنح كاستحقاق لابرز الاسماء التي تظهر خلال السنة . ويبقى السؤال حائراً لماذا أُستثنيَ الاعلام من جائزة الابداع ؟
ولماذا اجتثت الثقافة الاعلام وهو شقيقها من الاب والام ؟ فهل انصاف في هذا ؟! |