اللحن الحزين

 

ألأب: أنا منزعج من هذه الحالة التي نعيش فيها في الزمن الحاضر..أشعر بالحزن الكبير.

ألأم : ولماذا تشعر بهذا الحزن؟ لدينا بيتٌ كبير وغرفة ولم تدخل مياه ألأمطار الى داخل البيت..أنت تعيش معي لي وحدي لايشاركني بك شخصٌ ما. على العكس أنا سعيدة جداً بهذا الوضع.

ألأب :الحمد لله على كل شيء. لم أقصد المكان أو الطعام أو شيئا آخر. أشعر بالشوق الى أبنائي وبنتي الوحيدة. أشعر أنني أعيش في سجنٍ كبير كأنني أسير في دولة من الدول البعيدة. الولدان مشغولان مع زوجتهما وأنا وأنتِ نعيش كأننا في عالمٍ لاينتمي اليهما. كم أتمنى لو أنهما لم يتزوجا. كنتُ قبل زواجهما أحلم أن أراهما متزوجين لكنني ألآن أحسد كل من لم يكن لديه أولاد . أصبحا سبباً في حزنٍ لاينتهي لروحي. كانت البنت الوحيدة هي التي تهتم بي ..جعلتني كملك من الملوك. كانت تشعر بأي شيء أرغب فيه. كانت زميلة وصديقة وحبيبة تمنيت لو أنها لم تتزوج وتتركني أشعر بوحدة لاتنتهي. كانت قريبة مني بشكل لايمكن وصفه. تمنيت لو كان لدي 10 بنات ولا ولد واحد. كلما تتزوج واحدة تحل محلها بنت أخرى.

ألأم : أنت حساس أكثر من اللازم ..هذه سنة الحياة. كل بنت مصيرها الرحيل عن ألأب يوما ما.

ألأب: أعرف هذا لكنني كنتُ أتصور أن زوجات ألأولاد سيقمن بنفس الدور الذي كانت تقوم به زهرة قلبي الوحيدة. يبدو أنني كنتُ بعيداً عن جادة الصواب.

ألأم : أنا سعيدة ألآن لأنني لاأريد أن أكون خادمة طيلة عمري. أشعر بقليل من الحرية. لاأفكر بعمل الطعام أو غسل الملابس لأولادي فهناك من حل محلي وراح يفعل أشياء كثيرة بدلا عني. لو لم يكونا قد تزوجا لكنت ألآن مشغول بهما .أحمد الله كثيراً لأنني حضرتُ زفافهما.

ألأب: أنا أفكر بطريقةٍ أخرى تختلف عنكِ تماما. أشعر أنني وحيد في هذا العالم..لم يعد أحد يشعر بوجودي . أصبحت كمخلوق بشري فائض عن الحاجة. كل شيء أفعله بنفسي لا أستطيع ألأستنجاد بولدٍ آخر. كل واحدمنهما أصبحت لديه مشاريع لاأعرفها وكأنه لاينتمي الى نفس الجذور التي أنتمي إليها.

ألأم : الحياة تسير حسب الخطة المرسومة من قبل الخالق العظيم..تختلف الحياة من جيلٍ الى لآخر. تتباين ألأحلام وألأهداف من جيل الى جيل. لايمكن أن تجعل الجيل ألآخر يعيش حسب الطريقة التي تفكر فيها. هذه هي الحياة. دعهم يعيشوا بسلام , المهم أننا مع بعض وهذا يكفي. أين أمي وأبي وأين أشقائي. لم يعد يزورني أي واحد منهم.كنا نعيش تحت سقفٍ واحد ونأكل في سفرةٍ واحدة لم يبق منهم إلا ذكريات. كل ما أطمح إليه أن أعيش الى جانبك حتى آخر لحظة من حياتي. سيأتي يوما يجلسان فيه مع أنفسهما ويتندمان على كل فعل قاما به..فعل ما .. جعلك حزيناً وعندها لن تبق لديهما سوى قطرات من دموعٍ حبسية ..وعندها لن يجدا إلا حسراتٍ تجول في نفوسهما. أنا أعرف ماتريد أن تصل إليه لكنهما لن يفهما ما أنا أفهمه ألان. عش قرير العين وأهتم بنفسك وحياتك فعجلة الزمن لاتتوقف عند هذا أو ذاك.

نظر إليها زوجها وبريق من دموع تتلألأ في عينيهِ كأنه عاد من مقبرة بعيدة وقد أودعها أشخاص أعزاء على قلبه.