العراق دولة دستور ومؤسسات وليس دولة لولاية الفقيه


قبل أن ابدأ حديثي الهام حول هذا الموضوع أقول لأصحاب الخطوط الحمراء , ليس هنالك من خطوط حمراء غير كتاب الله والأنبياء والائمة المعصومين عليهم السلام , ومن يقول بغير هذا باطل ولا حجة له علينا , ومراجع الدين ورجال السياسة هم بشر عاديون مثلنا تماما , لنا الحق بقبول أو عدم قبول أفكارهم ومناقشتها والاعتراض عليها , ولا شّك أنّ دعوة المرجعية يوم أمس إلى عدم اتخاذ الدستور وسيلة للالتفاف على ( الإصلاحات ) , هي دعوّة خطيرة جدا وتنطوي على مخاطر حقيقية وجدّية على مستقبل النظام الديمقراطي في العراق ومؤسساته الدستورية , وهي دعوّة صريحة للحكومة بعدم الالتفات للدستور والقوانين النافذة وتجاوزهما فيما إذا تعارضا مع ( الإصلاحات ) , وفي نفس الوقت تحمل هذه الدعوة المريبة تهديدا مبطنا للمحكمة الاتحادية العليا بعدم رد أي قرار تتخذه الحكومة يتقاطع مع الدستور والقوانين النافذة .
وهنالك من يسأل هل نحن دولة تتبع نظام ولاية الفقيه الذي أعطى للولي الفقيه الصلاحيات المطلقة بما فيها سلطة إلغاء الدستور ؟ وهل يحق لمراجع الدين في العراق أن يجعلوا أنفسهم فوق الدستور والقانون وفوق مؤسسات الدولة الدستورية ؟ ولماذا لا ينبغي مراعاة المسار الدستوري والقانوني ؟ كيف يمكن للمرجعية أن تقول ( لا ينبغي أن يتّخذ لزوم رعاية المسار الدستوري والقانوني وسيلة من قبل السلطة التشريعية أو غيرها للالتفاف على الخطوات الإصلاحية ) ؟ كيف لنا أن نسمي القرارات المخالفة للدستور والقوانين النافذة إصلاحات ؟ وهل الإصلاح في لزوم عدم رعاية المسار الدستوري والقانوني ؟ وهل هنالك غطاء شرعي أو قانوني لمثل هذه الدعوّة ؟ وما هي الصفة القانونية لمثل هذا التدّخل في القرارات السياسية والإدارية للبلد ؟ وهل هذا من واجب المؤسسات الدينية ؟ ومن الذي سيضمن صحة وسلامة هذه القرارات المخالفة للدستور ؟ هب أنّ هنالك مواد في الدستور تتعارض مع ( الإصلاحات ) المزعومة , فهل معالجة هذا الأمر من خلال الدعوة للتجاوز على الدستور ؟ أم في الدعوّة لتعديل هذه المواد بما ينسجم مع الإصلاحات المطلوبة ؟ ثم هل سيقبل شركاء الوطن من غير الشيعة بدعوة المرجعية لتجاوز الدستور والمؤسسات الدستورية ؟ وما هو مستقبل السلطتين التشريعية والقضائية في ظل هذا التوّجه المتسارع نحو نظام ولاية الفقيه ؟ هل يريد سماحة المرجع الأعلى أن يكون الولي الفقيه في العراق ؟ .
في الختام أقول وأعرف أنّ قولي هذا سيغضب الكثير من أصحاب الخطوط الحمراء , أنّ لا أحدا في العراق ومهما كانت صفته أن يكون فوق الدستور والقانون , وبهذه المناسبة أتوّجه لرئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا باعتبارهم المعنيين بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة , أن يضربوا عرض الجدار أي دعوة تدعو للتجاوز على الدستور والقانون , حتى وإن كانت من المرجع الأعلى نفسه .