لا اظن ان هناك كاتب عمود يومي لا يضع القارئ في حسابه حتى قبل ان يكتب. الاختلاف يكون هنا في الهدف. فيهم من يريد إرضاء القارئ بأي ثمن. المهم عنده جمع أكبر عدد من اللايكات مثلا. كاتب آخر ينظر لهذا من باب مسؤولية تقديم شيء مفيد لقارئه. والمفيد قد يُرضي او يُغضب. من هنا قد يظلم القراء الكاتب فتبدأ الشتائم والاتهامات لحد تقويل الكاتب ما لم يقل. وهناك كم من القراء قد يزعل لأنك لم تنتقد شخصية هو يكرهها. كما لا تخلو "مدافع" القراء من غضب او زعل عليك لأنك لم تشاركهم اعجابهم بشخص او حزب او طائفة يراها هو انها خير ما خلق الله وما لم يخلق. جذر المصيبة ان الكاتب يرى نفسه حرا بالكامل وبعض القراء للأسف يرون انه ما خلقه الله الا ليكون مثلهم في حبهم لهذا المسؤول او كرههم لذاك. فان لم تشتم الذي يشتمونه او تمتدح الذي يمتدحونه فانت، بحسابهم، قطعا لديك مشكلة شخصية مع هذا المحبوب او المكروه عندهم. أحيانا لا يسلم الكاتب الحر من القذف لو انه لم يتناول حدثا ما. ينسى هؤلاء القاذفون ان الكتابة ليست طماطة تصلح لكل مركة. هناك احداث كثيرة، شخصية او عامة، ربما تصلح للطم والبكاء او للغناء او للنكتة لكنها قد لا تصلح للكتابة. وحتى هذه قد تختلف من وجهة نظر الكتاب فيما بينهم. ما أراه موضوعا ناضجا للكتابة قد يراه زميل انه لا يصلح بالمرة. ومع اني لا أدعي التحدث باسم كتاب الاعمدة اليومية لكني اعتقد ان اشد ما يزعجهم ويؤلمهم هو اتهام البعض لهم بالشخصنة. مناسبة حديثي هذا ان صديقا قارئا عزيزا عليّ اختار اسم "علي المقهور" كنية له على فيسبوك كتب معلقا تحت عمود الامس ما نصّه "ابا امجد استغرب منك كثيرا جدا ان لا تشير الى وفاة الجلبي. كنت اظنك ستدبج مقالات خرافية في الفقيد لكن خاب ظني. هل كانت بينكما ضغينة وعداء؟". أترون كيف انه رغم معرفته الجيدة بي لم يضع في حسبانه احتمال أنى لم التق الرجل بحياتي دقيقة واحدة لا على المستوى المهني ولا الشخصي. فكيف اعاديه او اكنّ له ضغينة؟ ثم انه لم يحسب بأني لم أجد عندي شيئا جديدا او مفيدا بخصوص الراحل أقدمه للقارئ سلبا كان ام إيجابا. أيها القارئ الكريم، على الأقل احمل أخاك الكاتب على محملين، ولا أقول سبعين محملا قبل ان تغضب او تزعل او تعتب.
|